تفاعلت قضية تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية "البيجر" بحامليها في لبنان وهم من عناصر حزب الله أمس الثلاثاء بشكل كبير في الساعات الماضية، خصوصًا نظرًا إلى حجم العملية الكبير، واتجهت الأنظار إلى الشركة المصنعة لهذه الأجهزة.
وفي هذا الإطار، نفت شركة غولد أبوللو التايوانية مسؤوليتها عن تصنيع الأجهزة التي انفجرت في لبنان وأصابت الآلاف من أعضاء جماعة حزب الله.
وقالت الشركة إن الأجهزة من إنتاج شركة بي.إيه.سي، التي تتخذ من العاصمة المجرية بودابست مقرًا، ولديها ترخيص لاستخدام العلامة التجارية لغولد أبوللو.
ومن خلال بحث أجراه التلفزيون العربي في سجلات الشركات التجارية بالمجر، اتضح أن المقر الرئيسي لشركة بي.إيه.سي في بودابست، وهو مبنى سكني عادي في أحد أحياء العاصمة المجرية لا يحوي أي إشارة إلى أنه شركة تجارية أو مصنع، سوى لافتات معلقة على زجاج المدخل تحمل اسم الشركة.
وفي وقت سابق اليوم، أعلن وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض، ارتفاع عدد ضحايا تفجير أجهزة "بيجر" للاتصالات إلى 12 شهيدًا، بينهم طفلان.
وبشكل متزامن أمس الثلاثاء، جرى تفجير آلاف من أجهزة "بيجر"، والتي يستخدمها "حزب الله" بصفة خاصة في الاتصالات.
شركة متواضعة من دون تعاملات واضحة
وحاول التلفزيون العربي التواصل مع الشركة عبر الهاتف والبريد الإلكتروني دون رد، إذ يكشف موقع تسجيل الشركات أن الشركة التي تأسست قبل 3 سنوات بمساهم واحد، تشغل بالإضافة إلى مدير تنفيذي وكيل تسليم بنفس الاسم، ولا تظهر للشركة أي تعاملات تجارية واضحة، وتقتصر حساباتها على المصاريف الإدارية ومصاريف الترخيص.
وتظهر التقارير الإلكترونية السنوية للعامين الماضيين، التي يمكن تنزيلها من بوابة تسجيل الأعمال التجارية التابعة لوزارة العدل المجرية، أن شركة بي.إيه.سي كونسيلتيغ "BAC Consulting KFT" التي يعتقد أنها مصنعة أو موزعة أجهزة النداء اللاسلكي المنفجرة في لبنان، تم تأسيسها وتسجيلها في مايو/ أيار 2022، وأن المالك الوحيد للشركة سيدة تدعى كريستيانا بارسوني بميزانية عامة لا تزيد عن 320 دولارًا، بحسب أحدث كشف مالي في مايو الماضي.
وعلى حسابها الشخصي على موقع "لينكد إن"، تُعرف كريستيانا بارسوني نفسها بأنها الرئيس التنفيذي والمستشار الإستراتيجي ومطورة الأعمال"، ويتضمن رابطًا لشركة "بي.إيه.سي كونسيلتيغ".
وفي موقع تواصل احترافي آخر، تم إدراجها على أنها "خبيرة مستقلة في الموارد الطبيعية والتنمية المستدامة".
ولا تظهر التقارير المالية حول الشركة المجرية أي تعاملات تجارية واضحة، وتقتصر حساباتها على المصاريف الإدارية ومصاريف الترخيص.
وفي سياق متصل، تكشف السجلات أيضًا أن الشركة توظف شخصين فقط، المديرة التنفيذية ووكيل تسليمات، وهما في كلتا الحالتين السيدة كريستيانا بارسوني
وقد حاول فريق التلفزيون العربي الاتصال مع المديرة التنفيذية للشركة عبر الهاتف والبريد الإلكتروني دون رد.
واتضح من البحث أيضًا أن المديرة التنفيذية للشركة خريجة كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية.
حلقة مفقودة بين تايوان والمجر
وكان مؤسس شركة "غولد أبولو" التايوانية، هسو تشينغ كوانغ، كشفت في تصريحات أن شركة أوروبية في بودابست هي من صنعت أجهزة "البيجر" المنفجرة في سوريا ولبنان.
وقال إن "شركته اعتادت التعامل مع الحكومات، بل وسبق لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي "أف بي آي" أن اقتنى مشتريات من شركته.
وقبل 3 سنوات برزت فرصة مبيعات في أوروبا، عندما تقدمت إليه سيدة لا يعرفها إلا باسم تيرزا، وقالت إنها وكيلة محلية في تايوان لتمثيل شركة مجرية تدعى "بي.إيه.سي كونسليتينغ"، وتريد اقتناء ترخيص لتصنيع وتوزيع أجهزة بيجر لتسويقها في أوروبا، ووعدوا بأن تتوسع الأعمال في شرق إفريقيا.
وأكدت أن التسويق سيكون في أوروبا ولاحقًا في شرق إفريقيا، ولم تأت على ذكر لبنان أبدًا.
مدفوعات غريبة
وبعد حوالي عام من توقيع شركة BAC عقدًا مع شركة Gold Apollo، يقول مديرها إنهم عادوا إليه بطلب غير عادي: "لقد أرادوا تصميم أجهزة خاصة بهم مع الإبقاء على العلامة التجارية الأصلية، أي بيجر طراز آي آر 924".
ويقول مسؤول الشركة التايوانية إنه يتذكر ما طلبته شركة BAC المجرية بشأن تدريب مجموعة من المهندسين لتطوير طراز بتصاميم مختلفة، وأخبرهم بأن تصاميمهم معقدة الاستخدام وليست جذابة ومن الأفضل الإبقاء على التصميم الأصلي، مضيفًا أن تحويلات الدفع أيضًا كانت غريبة.
فبينما مقر شركة بي.إيه.سي في المجر، كان الدفع من حساب مصرفي في الشرق الأوسط تم تجميده مرة واحدة على الأقل من قبل بنكهم في تايوان. ويقول إن محاسبه أمضى أسبوعًا كاملًا في العمل على إلغاء تجميد الدفع.
وقال هسو إن آخر مرة قامت فيها Gold Apollo بشحن مكونات إلى BAC كانت في وقت سابق من هذا العام.
من جهتها، تشير وزارة الشؤون الاقتصادية التايوانية إنه ليس لديها سجل عن قيام أي شركة تايوانية بتصدير أجهزة الاستدعاء مباشرة إلى لبنان بين عامي 2022 و2024، واعتبرت أن أجهزة الاستدعاء الخاصة بشركة Gold Apollo تم تعديلها بعد تصديرها، وفقًا لبيان