تُعرف مزار شريف بأنها عاصمة الصوفية في العالم، نظرًا إلى كونها مسقط رأس جلال الدين الرومي الذي بفضله تكتسب الحركات الصوفية المحلية احترامًا كبيرًا، يفرض على حركة طالبان معاملة خاصّة.
في مزار شريف حيث المسجد الأزرق، يُمارس أتباع هذه الطرق عباداتهم بحرية، فيما تزعم حركة طالبان أنها لن تتدخّل في طقوس أتباع هذه الطرق التي تحظى باحترام وتقدير كبيرين بين الأفغان.
ويتهافت آلاف الزوّار إلى المسجد الأزرق، أيقونة مدينة مزار شريف ومحرابها، لزيارة ما يُعتقد أنه مرقد الإمام علي بن أبي طالب.
يتبارك الزوار بسياج المزار، محاولين فك أقفال النذور أمام عتباته. وتعلو أصوات مرتّلي القرآن حول المرقد، وتختلط بأخرى تصدح من ساحة المسجد. وبعد الصلاة، تلتئم حلقة لأتباع الطريقة الصوفية القادرية، تلهج بأدعية النهار على أطراف المرقد وتحت قبابه.
ويلفت خير محمد، أحد اتباع الطريقة القادرية، في حديث إلى "العربي"، إلى وجود الآلاف من اتباع الطريقة القادرية في أفغانستان، مشيرًا إلى أنهم يعقدون حلقات الذكر الخاصّة بهم في المسجد الأزرق.
ويضيف: "نرحّب بانضمام الجميع إلينا، لأننا لا نُخفي شيئًا".
طالبان أكثر تسامحًا
وتقف حركة طالبان موقف "المهادن" تجاه الصوفية حتى الآن، انطلاقًا من رغبة قادتها في تقديم صورة "أكثر تسامحًا" عن الحركة.
ويقول وحيد الله بشير، مسؤول أمني في حركة طالبان، في حديث إلى "العربي"، إن "مهمة جنود الإمارة الإسلامية حماية كل من يعيش تحت رايتها الآن"، مضيفًا أن التعليمات الصادرة عن قادة الحركة تقضي بحماية كل المذاهب والأديان، وضمان أمن الناس وحمايتهم من الأخطار".
ومع اقتراب صلاة المغرب، تبدأ التحضيرات لحضرة جديدة؛ ترتفع أصوات المتصوّفين بأذكار المساء.
تستدعي الأصوات لمحموعة مسلّحي طالبان نحو الداخل، يراقبون بفضول الحضرات. لا يعجبهم هيام أولئك المتصوّفين في عوالم عرفانهم. بصمت يغادرون المكان لحراستهم من الخارج، فيما تعلو في الداخل أصوات الهائمين غير آبهين بما يجري حولهم.