كشف العطل الرقمي العالمي الذي أوقف أنظمة الكمبيوتر لساعات، حجم الثغرات الناشئة عن تحوّل العالم إلى التكنولوجيا المترابطة عقب جائحة كوفيد-19.
وعادت الخدمات المقدمة في مختلف المجالات، من شركات طيران إلى قطاعات الرعاية الصحية والشحن والشؤون المالية، إلى العمل منذ أمس الجمعة بعد حل مشكلة العطل.
وعقب ذلك، بدأت الشركات الآن تتعامل مع تراكم الرحلات الجوية المؤجلة والملغاة وكذلك المواعيد الطبية والطلبيات التي لم تصل إلى وجهتها ومشكلات أخرى قد تستغرق أيامًا لحلها.
ثغرات كبيرة
وتواجه الشركات أيضًا تساؤلات عن كيفية تفادي انقطاع الخدمات مستقبلًا بسبب التكنولوجيا، التي يُفترض أن تحمي أنظمتها.
وتسبب تحديث برمجي من شركة الأمن السيبراني العالمية كراود سترايك، وهي إحدى كبرى الشركات في القطاع، في إحداث مشكلات في الأنظمة أدت إلى تعطل رحلات جوية واضطرار هيئات إعلامية إلى قطع البث ومنع المستخدمين من الوصول إلى خدمات مثل الرعاية الصحية أو الخدمات المصرفية.
وأعلنت شركة فيدكس العالمية لخدمات الشحن أنها واجهت اضطرابات كبيرة في خدماتها.
كما تضرر بعض المشرفين المسؤولين عن مراقبة المحتوى على موقع فيسبوك.
وفي هولندا على سبيل المثال، أفادت عدة مستشفيات بأن العطل طالها وأدى إلى إغلاق أقسام للطوارئ وتأجيل عمليات جراحية.
كذلك أعلنت أكبر شركة بريطانية مشغلة للسكك الحديد عن "عمليات إلغاء محتملة في اللحظة الأخيرة"، بسبب تعذر الوصول إلى بعض الأنظمة الخاصة بقيادة القطارات.
وتراجعت البورصات العالمية أمس الجمعة، في ظل أجواء من الضبابية الاقتصادية والسياسية في مواقع مختلفة من العالم، إنما أيضًا تحت وطأة القلق نتيجة العطل الذي منع مؤشرات بورصتَي لندن وميلانو من إعلان معدلات التغيير في بياناتها في التوقيت الاعتيادي عند افتتاح المداولات في الساعة 7:00 ت غ، ولم تبدأ بعرض أسعار الأسهم إلا بتأخير عشرين دقيقة.
في بورصة نيويورك، تراجع سهم كراود سترايك بنسبة 8,80% وخسر سهم مايكروسوفت 0,42% من قيمته نحو الساعة الرابعة والربع بعد الظهر بتوقيت غرينتش.
أدوات احتياطية
ومنذ تفشي جائحة كوفيد-19 في 2020، ازداد اعتماد الحكومات والشركات على مجموعة من شركات التكنولوجيا المترابطة، وهو ما يفسر سبب انقلاب العالم رأسًا على عقب بسبب مشكلة في برنامج واحد.
وسلط العطل الضوء على شركة كراود سترايك، وهي شركة قيمتها 83 مليار دولار وغير ذائعة الصيت، لكن لديها أكثر من 20 ألف مشترك حول العالم، منهم شركة أمازون دوت كوم وشركة مايكروسوفت.
وكتب جورج كيرتز الرئيس التنفيذي للشركة على منصة إكس للتواصل الاجتماعي، قائلًا إن خللًا رُصد "في تحديث محتوى فردي لخوادم استضافة نظام ويندوز" أثر في عملاء مايكروسوفت.
وأضاف كيرتز لشبكة "إن.بي.سي نيوز": "إننا آسفون جدًا على الأثر الذي سببناه لدى العملاء والمسافرين وأي شخص تأثر بهذا، بما في ذلك شركتنا". وتابع: "يعيد كثير من العملاء تشغيل النظام ويُفتح النظام ويعود إلى العمل".
وكان السفر الجوي الأسرع تضررًا من العطل، إذ تعتمد شركات الطيران على جدولة سلسة، والتي عند انقطاعها يمكن أن تؤدي إلى تأخيرات طويلة.
ومن بين أكثر من 110.000 رحلة تجارية مجدولة أمس الجمعة، تم إلغاء خمسة آلاف رحلة على مستوى العالم، مع توقع المزيد، وفقًا لشركة سيريوم لتحليلات الطيران.
وقالت المطارات من لوس أنجلوس إلى سنغافورة وأمستردام وبرلين إن شركات الطيران كانت تقوم بتسجيل الركاب ببطاقات صعود مكتوبة بخط اليد، مما تسبب في تأخيرات.
وحذّرت البنوك وشركات الخدمات المالية العملاء من الاضطرابات وتحدث المتداولون في الأسواق عن مشاكل في تنفيذ المعاملات.
وقد تواجه شركات التأمين مجموعة كبيرة من المطالبات الناتجة عن اضطراب الخدمات.
ومع مرور اليوم، أبلغت المزيد من الشركات عن العودة إلى الخدمة الطبيعية.
"خطط طوارئ"
وأثار العطل أيضًا مخاوف من أن كثيرًا من المنظمات ليست مستعدة جيدًا لتنفيذ خطط طوارئ عند تعطل نظام لتكنولوجيا المعلومات، أو برنامج داخلها قادر على التسبب في توقف النظام بأكمله.
لكن خبراء يقولون إن هذا الانقطاع سيحدث مجددًا إلى حين دمج مزيد من خطط الطوارئ في الشبكات واستخدام المنظمات أدوات احتياطية أفضل.
وكانت شركة الأمن السيبراني الأميركية كراود سترايك قد استبعدت فرضية الهجوم الإلكتروني أو حدوث مشكلة أمنية في تكنولوجيا المعلومات.
وتعتمد شركة كراود سترايك بشكل كبير على الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي وتوفر خصوصًا منصة حماية رقمية تسمى "فالكون".