Skip to main content

العملية التركية ضد "قسد".. هل تتكرّر لعبة "توزيع الأدوار" شمالي سوريا؟

الجمعة 2 ديسمبر 2022

أعلنت قوات سوريا الديمقراطية "قسد" وقف كل عمليات التنسيق والعمليات المشتركة لمكافحة الإرهاب مع التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "الدولة"، بسبب القصف التركي لمناطق سيطرتها شمالي سوريا.

تزامن ذلك، مع مطالبة قائد قوات "قسد" مظلوم عبدي السلطات الروسية بتحمّل مسؤولية إيقاف التصعيد التركي في المنطقة باعتبارها دولة ضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار مع أنقرة.

وقبل ذلك بأيام قليلة وجّهت قوات "قسد" بوصلتها إلى النظام السوري، معربة عن استعدادها للتعاون مع قواته لصدّ أي هجوم تركي.

كما لم تنفكّ عن مطالبة واشنطن بمنع أي هجوم تركي وتوجيه تحذيرات أقوى لأنقرة.

في المقابل، أعربت الولايات المتحدة على لسان وزير دفاعها لويد أوستن، معارضتها القوية لأي هجوم بري تركي محتمل في شمال سوريا.

وأوضح أوستن أن اهتمام بلاده حاليًا منصبّ على هزيمة تنظيم "الدولة" دون عوائق. لكن وزير الدفاع التركي خلوصي آكار ردّ على نظيره الأميركي بالقول إنه يتوقّع من واشنطن مقابل ذلك، الوفاء بتعهّداتها المقدّمة لتركيا.

وحيال هذه التطورات، ما هي الخيارات المتاحة أمام المسلّحين الأكراد شمال سوريا على الصعيدين السياسي والميداني؟ وهل بحثهم عن أي حليف ضدّ أنقرة سيُجدي فعليًا في ظل تكرار لعبة توزيع الأدوار بين القوى الإقليمية والدولية في الساحة السورية؟ وألا تبدو تركيا عازمة على تحقيق هدفها المتمثّل في إبعاد المقاتلين الأكراد عن حدودها مسافة لا تقلّ عن 30 كيلومترًا سواء بالحرب أو عبر التفاهمات؟

"لا حلّ قريبا للصراع"

وتعليقًا على تلك التطورات، يرى كينو غابرييل، الباحث في مركز الدراسات السريانية، أن تعاون قوات "قسد" مع "التحالف الدولي" فرضه وجود "تنظيم الدولة"، حيث كانت "قسد" الجهة الوحيدة على الساحة السورية في محاربة التنظيم والقضاء عليه بشكل مباشر، وتحرير الرقة، والقضاء على آخر معاقله في دير الزور عام 2019، حسب قوله.

ويقول غابرييل، في حديث إلى "العربي"، من القامشلي، إن العملية العسكرية التركية عام 2013، فرضت واقعًا جديدًا على المنطقة والذي تمثّل في انسحاب القوات الأميركية وما توجّب عليه من إيجاد حلول للواقع الموجود، وبالتالي تمّ توقيع الاتفاق مع الحكومة السورية والقوات الروسية.

ويشير إلى أن الوضع الراهن يفرض على "قسد" توجّهاتها، لأنها ليست في موقع لتقرر من هي القوة الموجودة على الواقع، ناهيك عن أنها ليست منفصلة عن سوريا، حيث لطالما دعت إلى الحوار مع كافة الأطراف من أجل الوصول إلى حلّ سياسي للصراع السوري بما يكفل ويضمن حقوق الشعب السوري.

ويرى غابرييل أن لا حل قريبا لهذا الصراع، إذ إن تركيا تحاول الحفاظ على مصالحها القومية المرتبطة بمعاداة الشعوب القومية والمجموعات المختلفة، كالسريان والعرب الذين ترفض أنقرة منحهم حقوقهم على أراضيها، وترفض أي محاولات لحصولهم على حقوقهم المشروعة في الدول المجاورة، حسب قوله.

"العملية العسكرية قضية أمنية"

بدوره، يشرح أويتون أورخان، الباحث في مركز "أورسام" لدراسات الشرق الأوسط، أن المعركة ضد "العمال الكردستاني" وحزب "الاتحاد الديمقراطي" هي قضية أمنية، وغالبية الشعب التركي يؤيدها، بغضّ النظر عن اقتراب موعد الانتخابات.

ويقول أورخان، في حديث إلى "العربي"، من أنقرة، إن النوايا التركية في الشمال السوري علنية وواضحة وصريحة، وإن تركيا منذ عام 2015، تعمل على إنشاء الحزام الأمني على حدودها، في وقت تواجه عملياتها العسكرية على الأراضي السورية وقرب حدودها تحديات متمثّلة بوجود القوات الروسية والإيرانية في تلك المناطق.

ويرى أن العملية العسكرية التركية في سوريا تسير خطوة بخطوة، لتحقيق هذا الحزام الأمني.

ويوضح أن انعدام الثقة بين تركيا والولايات المتحدة هي أزمة قائمة منذ سنوات عديدة، قبيل محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، والدعم الأميركي لحزب العمال الكردستاني، ناهيك عن تصاعد مشاعر العداء للولايات المتحدة عند الشعب التركي.

"حرب كردية- تركية على أرض سورية عربية"

بدوره، يشير بسام البربندي، الدبلوماسي السوري السابق، إلى أن القوات الأميركية الموجودة في سوريا تستخدم قوات "قسد" كآلية تنفيذية لمحاربة "تنظيم الدولة"، بينما تنظر أنقرة إلى القوات الكردية على أنها تهديد أمني لها.

ويقول البربندي، في حديث إلى "العربي"، من واشنطن، إن تركيا تقوم بالتنسيق المسبق مع موسكو وواشنطن حول قصفها للمناطق التي تعتبر أنها تهدد أمنها الإستراتيجي.

ويعتبر أنه يجب أن يكون هناك تشاور سياسي حقيقي بين الدول الثلاث هو حول هدف هذه العملية، ومداها.

ويعرب عن اعتقاده بأن العملية العسكرية البرية، في حال تمّت، ستكون نتيجة تفاهمات، وليست مقدمة لتفاهمات، مضيفًا أن السؤال هو ما ستقدّمه موسكو وواشنطن لأنقرة.

وإذ يشير إلى اتفاق جرى عام 2019، تعهّدت فيه موسكو وواشنطن بانسحاب "قسد" من الحدود السورية- التركية، يوضح أن تركيا تقول إنها لا تريد الحرب، لكن إذا لم يستطع الكرملين والبيت الأبيض تنفيذ هذه التعهّدات، فإنها ستشنّها.

ويعتبر أن السؤال هو من أين تأتي قوة تركيا في هذا المسار؟

ويوضح أن القضية التركية الكردية السورية ليست على قائمة أولويات البيت الأبيض الذي يحتاج إلى تركيا لانضمام السويد وفنلندا للناتو، ومن أجل صفقة القمح مع أوكرانيا، أما روسيا فتحتاج لتركيا من أجل تمرير الأسلحة عبر البحر الأسود.

ويؤكد أن المسارات التي يمكن أن تقدّم فيها تركيا خدمات للناتو أو لروسيا "أكبر بكثير من قرية صغيرة هنا أو هناك"، معتبرًا أنها "حرب كردية- تركية على أرض سورية عربية، سيدفع ثمنها السوريون".

ويشير إلى أنه حتى الساعة لم يصدر عن النظام السوري أي بيان أو تصريح عن ضرورة وقف تركيا لحملتها العسكرية، متأملًا أن تتمّ الصفقة الروسية، وبالتالي تدخل قوات النظام السوري إلى المناطق الحدودية ما يُضعف قوات "قسد"، أو حتى أن يؤدي ذلك إلى تقارب مع القوات الأميركية بشكل ما، وليس لطرده كما يدعون.

ويخلص إلى أن النظام السوري في موقع يعتقد فيه أنه سيربح مهما كانت الآليات، مشيرًا إلى أن الضمانة الحقيقية لتركيا بانسحاب "قسد" هو دخول جيش النظام إلى تلك المنطقة، حسب رأيه.

المصادر:
العربي
شارك القصة