تتواصل التغطية الإعلامية لجرائم الاحتلال وتغيب الزميلة شيرين أبو عاقلة؛ سجل إسرائيل حافل بارتكاب الفظائع بحق الشعب الفلسطيني ومحاولات إسكات الصحافيين في آن معًا لحجب الصوت والصورة.
في العام الأول على رحيل شيرين، يشن الاحتلال عدوانًا آخر على غزة فيه من الرعب والقتل والدمار ما لا يختلف عن نمط إجرامي معهود.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي حيث تُستعاد ذكراها بمهامها الإعلامية، يصفها أحمد جمال بصوت الحق، ويشير محمد سنوار إلى أن "أهالي غزة افتقدوها على الشاشة في هذه الحرب الظالمة".
تقول مستخدمة أخرى إن حربًا شنها الاحتلال على غزة قبل استشهاد شيرين، وهو يشن أخرى بمضيّ عام على استشهادها.
وتطول لائحة الاعتداءات والانتهاكات والحروب الإسرائيلية تباعًا، أقله منذ استشهاد 55 صحافيًا قتلتهم إسرائيل منذ العام 2000، وفق إحصاء نقابة الصحافيين الفلسطينيين.
أما الصحافيون الآخرون فيواصلون تأدية مهامهم باللحم الحي، وسط مخاطر القتل والاعتقال "في ظروف صحية لا إنسانية وقاسية"، على ما تفيد جهات حقوقية.
عام على استشهاد شيرين أبو عاقلة
استهدف الاحتلال مراسلة قناة "الجزيرة"، ابنة مدينة القدس شيرين أبو عاقلة، صباح الحادي عشر من مايو/ أيار 2022.
كانت تغطي اقتحام الجنود الإسرائيليين لمخيم جنين الواقع شمالي الضفة الغربية المحتلة، فقتلها قناص برصاصة مباشرة في الرأس، وفق ما تؤكده التحقيقات المحلية والإعلامية العربية والدولية.
كما كاد الاحتلال أن يودي بزملائها الذين حضروا للغاية نفسها، وفق ما أكدوه لاحقًا ووثقته كاميراتهم على الأرض.
وما تزال صورة شيرين، التي استشهدت عن 51 عامًا، ممددة على الأرض ومرتدية خوذتها وسترة تحمل عبارة صحافة بوقعها المؤلم نفسه. وكذلك صور اعتداء الاحتلال على نعشها، في يوم التشييع المهيب.
لم يكن كل من بكى شيرين أبو عاقلة قد عرف شخصها عن قرب، لكن شيرين المراسلة كانت على مدى 25 عامًا قريبة من المشاهدين؛ حفظوا نبرة صوت لازمها الحزن طيلة أعوام، وملامح وجه أعادت رسمها آلام فلسطين.
آلام لم يُحاسب عليها الاحتلال الإسرائيلي منذ النكبة وما قبلها، ولم تشكل قضية استشهاد شيرين أبو عاقلة استثناء عنها.
جريمة أخرى لم يحاسب عنها الاحتلال
فوسط التنديد الدولي والمطالبات بمحاسبة الفاعلين، يمر عام على استشهاد شيرين أبو عاقلة ويبقى المسؤولون عن الجريمة دون محاسبة.
وبعدما حاول الإنكار والتهرب من المسؤولية، عاد الاحتلال ليزعم أنه أجرى "تحقيقًا مهنيًا ومستقلًا".
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، اقتصر اعترافه بالحديث عن "احتمال كبير" بأن يكون أحد جنوده أطلق النار على أبو عاقلة، بعد أن ظنّها "خطأ" أنها أحد المسلحين، حسب زعمه. كما رفض رئيس الوزراء في حينه يائير لابيد الدعوات لمحاكمة الجندي.
وتؤكد لجنة حماية الصحافيين الأميركية توثيقها ما لا يقل عن 20 حالة قُتل فيها صحافيون على أيدي الجيش الإسرائيلي خلال العقدين الماضيين، لم يتمّ توجيه اتهامات إلى أحد بشأنها، ولم يخضع أحد للمساءلة.
في غضون ذلك، تتمسك قناة "الجزيرة" بمتابعة قضية شيرين أبو عاقلة أمام القضاء الدولي، حيث أشارت نهاية العام الماضي إلى أن فريقها القانوني قام بتحقيق دقيق ومفصل في القضية وكشف عن أدلة جديدة.