الإثنين 16 Sep / September 2024

"القلب الميت لإفريقيا".. تشاد على مفترق طرق بعد مقتل إدريس ديبي

"القلب الميت لإفريقيا".. تشاد على مفترق طرق بعد مقتل إدريس ديبي

شارك القصة

تسارعت وتيرة الأحداث في تشاد بعد مقتل الرئيس إدريس ديبي، من خلال إعلان الجيش التشادي عن ترتيبات جديدة للسلطة، رفضتها المعارضة، فيما اعتبرها آخرون تحصينًا للبلاد.

تقف تشاد، التي توصَف بـ"القلب الميت لإفريقيا"، وتحاصرها دول استضعفتها الحروب والأزمات، على مفترق طرق بعد مقتل رئيسها إدريس ديبي على بعد يوم من إعادة انتخابه لعهدة رئاسية سادسة، في حادثة صنّفها البعض في خانة الانقلابات.

وتسارعت وتيرة الأحداث في تشاد بعد مقتل الرئيس ديبي، من خلال إعلان الجيش التشادي عن ترتيبات جديدة للسلطة، بدأت بتشكيل مجلس عسكري انتقالي بقيادة نجل الرئيس الراحل محمد إدريس ديبي الذي قرّر حلّ جميع مؤسسات الدولة.

وسرعان ما رفضت المعارضة هذه التدابير واعتبرتها توريثًا للحكم وانقلابًا مؤسساتيًا، فيما أعلنت حركة جبهة الوفاق من أجل التغيير استمرارها في القتال ضدّ ما سمّته بالنظام العسكري وسياسة الأمر الواقع.

هل يخلط قصر الإليزيه الأوراق من جديد؟

في المقابل، اعتبر البعض حلّ المؤسسات وتولي الجيش السلطة تحصينًا للبلاد من التهديدات الداخلية والخارجية بسبب الوضع الأمني غير المستقرّ في منطقة الساحل الإفريقي وليبيا والسودان.

ويحذر هؤلاء من أنّ أيّ انفلات أمني في تشاد قد يمثّل فرصة لتحرك المتمردين في إقليم دارفور في السودان أو توافد المسلحين من شمال تشاد إلى جنوب ليبيا، علمًا أنّ انعكاسات ذلك قد تؤثّر على العملية السياسية الانتقالية في كل من الخرطوم وطرابلس.

ولأنّ تشاد كانت تلعب دورًا رياديًا في مكافحة الإرهاب واستقرار منطقة الساحل، فقد خسرت باريس برحيل الرئيس ديبي حليفًا رئيسيًا كانت قواته الأهمّ في إسناد العملية العسكرية التي تقودها فرنسا ضد الجماعات المتشددة منذ عام 2014 في الساحل الإفريقي.

وقد يضطر قصر الإليزيه إلى خلط الأوراق من جديد، كما أنّ قوى غربية أخرى وعلى رأسها واشنطن، صرّحت بأنّ لديها مصالح في تشاد، امتنعت عن إحراج المجلس العسكري أو إدانته، وطالبته بالإسراع بالعملية الانتقالية.

الأسرة الدولية تغاضت عن "جرائم" ديبي

ويرى الباحث في المعهد الأوروبي للاستشراف والأمن ومنسّق حركة المواطنة من أجل التغيير في تشاد عبد الكريم يعقوب كوندوقومي أنّ تشاد كانت تعيش أزمة سياسية لأن الرئيس السابق رفض كل دعوات الحوار واستأثر بالسلطة.

ويشير، في حديث إلى "العربي"، إلى أنّ المعارضة لم تختر العنف وسيلةً للتغيير، ولكن النظام السابق اعتمد في فرض سلطته على العنف ولم يكن أمام المعارضة إلا مواجهته بالعنف.

ويلفت إلى أنّ الأسرة الدولية والإفريقية اعتمدت على إدريس دبي لمكافحة الإرهاب، وتغاضت عن جرائمه بحق الشعب التشادي.

ويشدّد على أنّ المعارضة التشادية منظمة ولها برنامج، معتبرًا أنّ الوصاية الفرنسية الإمبريالية على تشاد غير مقبولة.

ويخلص إلى أنّ الرئيس السابق جهّز ابنه للحكم من بعده وهو أمر غير مقبول لأنه يخالف الدستور، مشدّدًا على وجوب أن تكون هناك فترة انتقالية تشارك فيها المعارضة والمجتمع المدني.

فرنسا "تخاطر بسمعتها" في تشاد

من جهتها، ترى الباحثة في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية المسؤولة عن برنامج إفريقيا كارولين روسي أنّ تحالف فرنسا مع الرئيس السابق ضَمِن الأمن في تشاد.

وتشير، في حديث إلى "العربي"، إلى أنّ "حجّة ضمان الاستقرار لدعم انقلاب نجل ديبي للرئاسة فيه مخاطرة بسمعة فرنسا"، لافتةً إلى أنّ الكثير من الدول الإفريقية غير راضية عن ذلك.

وتعتبر أنّ "المعارضة ربما غير جاهزة للحكم، ولكن لا بد من الاستماع إلى مطالب الشعب".

لا رؤية لدى السلطة الحاكمة الجديدة في تشاد

أما مدير عام المعهد الثقافي الإفريقي العربي الخبير في شؤون تشاد محمّد سالم الصوفي، فيرى أنّ تشاد تمرّ بمنعطف مهم جدًا، مشيرًا إلى أنّ ترتيبات تسوية الأزمة الليبية اقتضت أن تغادر المعارضة المسلحة التشادية ليبيا إلى بلادها.

ويعتبر الصوفي، في حديث إلى "العربي"، أنّ الجيش التشادي، رغم قوته، "إلا أنّه غير متناسق داخليًا نظرًا لوجود نزعات قبلية داخله".

ويلفت إلى أنّ "السلطة الحاكمة الجديدة في تشاد ليس لها مشروع تنموي وليس لها حلول ولا رؤية لمعالجة مشاكل البلاد".

ويلاحظ أنّ "كلّ أعضاء المجلس العسكري الجديد من رجال الرئيس السابق إدريس دبي"، مشيرًا إلى أنّ المساندة الدولية للانقلاب تعني الرغبة في الإبقاء على الدور التشادي في مكافحة الإرهاب على حساب الحكم الديمقراطي".

ويخلص إلى أنّ "التحدي الأساسي الذي تواجهه تشاد هو المحافظة على وحدتها الوطنية، وحفظ الأمن والاستقرار الداخلي والإقليمي".

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close