حين أطلق الحكم الموريتاني دهاني بيضا صافرته النهائية أمس الأحد، معلنًا ختام النسخة الرابعة والثلاثين من بطولة كأس أمم إفريقيا، انطلق لاعبو ساحل العاج للاحتفال بالفوز على نيجيريا 2-1.
غرق حينها بالبكاء اللاعب الإيفواري سيمون أدينغرا (22 عامًا)، الذي تسلم جائزة أفضل لاعب إفريقي شاب بالبطولة.
الرحلة "المعجزة"
الدموع التي ذرفها أدينغرا، قال زميله سيبستيان هالر إنه حبسها، طالبًا من الصحفيين أن لا يجعلوه يبكي، بينما كانت الأضواء مسلطة على اللاعب صاحب هدف الفوز ، الذي كان يخضع لعلاج كيميائي قبل عام ونصف، وتساقط شعره بعد إصابته بمرض السرطان، ليكرس عودته بذلك التألق الذي سجله في البطولة.
كل تلك المشاعر والعواطف، التي اجتاحت لاعبي "كوت ديفوار" رصدتها كاميرات النقل المباشر على المدرجات الحاشدة جماهيريًا، فلم يكن أحد في ملعب الحسن واتارا الأولمبي بأبيدجان، ليتصور أن المنتخب الذي كان قاب قوسين أو أدنى من الخروج في الدور الأول من البطولة، سيعتلي منصة التتويج، هازمًا المنتخب النيجيري القوي، الذي تفوق عليه في مباراة الأدوار الأولى 1-0.
وخسرت ساحل العاج مباراتين من أصل ثلاثة في الدور الأول، ومنهما هزيمة نكراء أمام غينيا الاستوائية بنتيجة 4-0، وبدت حينها فعليًا خارج المنافسة، وسط غضب جماهيري عارم، دفع الاتحاد المحلي للعبة إلى إقالة المدرب جان لويس جاسكيه.
وبعد 3 أيام من انتظار ختام مباريات الدور الأول، ابتسم الحظ للمنتخب الإيفواري الذي خدمته نتائج باقي المجموعات بالتأهل إلى الدور الـ16 عن فئة أفضل المنتخبات التي حلت بالمركز الثالث، وبطريقة أشبه بمعجزة كروية لا تتكرر.
وهذه المعجزة قدّمها لها المغرب كهدية بفوزه على زامبيا، فتأهلت ساحل العاج كأسوأ أفضل المنتخبات الأربعة التي احتلت المركز الثالث.
الفيلة المجتهدة
ومنذ تلك اللحظة، تحوّل المنتخب الإيفواري من منتخب مشتت إلى "كتيبة مجتهدين"، بفضل المدرب المحلي إميرس فايي الذي حل بديلًا لجاسكيه، وأقصى المنتخب الإيفواري تواليًا، حامل اللقب السنغال، ثم منتخب مالي، ثم الكونغو، حتى المباراة النهائية حيث سجلت ساحل العاج الفوز التاريخي أمس وأحرزت اللقب للمرة الثالثة.
ولخص أدينغرا مشوار البطولة بالقول يوم أمس: "هذا هو الدليل على أنه لا يجب الاستسلام أبدًا في الحياة". أما المدرب فايي فقال والدهشة تعلو وجهه: "لا أدرك، ما زلت لا أصدق ذلك. توليت قيادة المنتخب، في يوم عيد ميلادي، لم نكن حتى متأهلين لبقية المنافسة".
وأضاف المتوج بجائزة أفضل مدرب بالبطولة: "أخبرت الأولاد أن هناك متسعًا من الوقت بعد تخلفنا بهدف في الشوط الأول.. أنا محظوظ لوجود مجموعة من اللاعبين ذوي الخبرة مثل، ماكس غرادل وسيرج أوريي، اللذان تحملا مسؤولياتهما في غرفة تغيير الملابس. في أقل من 10 دقائق تم قلب الوضع، وأظهرنا أننا رجال الليلة".
شكرًا للمغرب
وافتتحت نيجيريا التسجيل عبر قائدها وليام تروست-إيكونغ في الدقيقة 38، إلا أن "الفيلة" ردوا بهدفي فرانك كيسييه (62) وسيباستيان هالر (81).
وانطلقت بعد المباراة أفراح هيستيرية في شوارع البلاد، وبحضور الرئيس وكبار المسؤولين في الاتحاد العالمي لكرة القدم.
ورفع ماكس جراديل، قائد منتخب كوت ديفوار، علم المغرب خلال احتفالات الأفيال بالتتويج، وطاف به في أرجاء الملعب، بعدما كان "أسود الأطلس" السبب الأساسي فى تأهل الأفيال من الدور الأول، في بادرة "رد جميل" فتح للإيفواريين أبواب التاريخ.