تحتدم الاشتباكات المسلحة بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، ولا مؤشرات على قرب انتهائها.
ويتقاذف طرفا القتال الاتهامات بشأن المسؤولية عن المواجهات، حيث تتضارب الأنباء المتعلقة بالسيطرة على المواقع الإستراتيجية.
وتدعو أطراف إقليمية ودولية لوقف القتال فورًا، فيما تحذّر قوى محلية من الأسوأ وتبدي استعدادها للوساطة.
روايات متضاربة
وتتضارب الروايات بشأن المواقع الإستراتيجية والمناطق التي أعلن كل طرف سقوطها بيده، لا سيما في العاصمة الخرطوم ومدينة مروي شمال البلاد وولاية النيل الأبيض.
وقد أعلنت نقابة الأطباء السودانيين ومصادر طبية أخرى مقتل تسعة مدنيين في الخرطوم في حصيلة أولية منذ بدء الاشتباكات صباح اليوم.
وقد تقاذف طرفا القتال الاتهامات بالمسؤولية عن الاشتباكات التي اندلعت عقب ساعات قليلة فقط من نشر قوات الدعم السريع وحدات عسكرية في مروي والخرطوم من دون التنسيق مع الجيش.
فقد أوضحت قوات الدعم السريع أن شرارة المواجهات انطلقت عقب تطويق القوات المسلحة مقرًا لها في معسكر في الخرطوم مستهدفة إياه بأسلحة ثقيلة وخفيفة.
في المقابل، أصدر الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة بيانًا قال فيه: "إن قوات الدعم السريع حاولت مهاجمة القوات المسلحة في الرياضية جنوب الخرطوم ومواقع أخرى فما كان من الجيش إلّا أن تصدّى لها".
قلق عربي وإقليمي
وتوالت ردود الفعل العربية والإقليمية والدولية على أحداث الاقتتال الداخلي في السودان، إذ أعربت دول عدة عن قلقها حيال المواجهات ودعت إلى وقفها فورًا.
كما وجّهت قوى سياسية سودانية نداء لوقف القتال، وأعربت عن استعدادها للوساطة لحل الخلافات بين العسكر.
#قطر تدعو إلى وقف القتال في #السودان وتغليب المصلحة العامة pic.twitter.com/zyIuNcLHpQ
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) April 15, 2023
وقد ظهرت إرهاصات هذه الخلافات منذ أسابيع، وأُجلت في خضمها عملية توقيع الاتفاق السياسي النهائي بين القوى المدنية والمكون العسكري قبل الانزلاق إلى مستنقع الاحتراب.
دور الآلية الثلاثية
في هذا السياق، يعتبر الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية صلاح خليل أن الآلية الثلاثية في الورشة الخاصة بالإصلاح العسكري والمدني مثلت أزمة، حيث لم تراع تحديات وإشكاليات دمج قوات الدعم السريع بالجيش وفقًا للوائح وأسس الكلية الحربية السودانية، فظهرت الخلافات.
ويلفت خليل في حديث إلى "العربي" من القاهرة إلى وجود أزمة ثقة بين البرهان وحميدتي، مشيرًا إلى أن معظم القيادات العسكرية داخل الدعم السريع منتدبة من المؤسسة العسكرية.
ويعتبر أن الدمج وفق معايير الكلية الحربية قد يعني تسريح عدد كبير من قوات الدعم، وبالتالي برزت مخاوف من تمرد هذه العناصر عندما تعود إلى ديارها.
كما يرى أن كلا الجانبين يرسلان رسائل إلى المجتمعين الدولي والإقليمي بأنه الطرف الأقوى.
صراع حول الغلبة السياسية
من جهته، يعتبر الكاتب الصحافي ضياء الدين بلال أن الصراع بين القيادات العسكرية الذي كان خفيًا أصبح اليوم علنيًا، مشيرًا إلى أن الهدف منه هو بالنسبة للطرفين تحقيق الغلبة السياسية.
ويرى بلال، في مداخلة له من مكاتب "العربي" في لوسيل، أن الخلاف بين البرهان وحميدتي لا يعتمد على التفاصيل التقنية لدمج قوات الدعم السريع بالجيش، بل على بسط النفوذ والسلطة.
وإذا يؤكد ضياء الدين أن الصدام العسكري الذي حدث اليوم سبقه مؤشرات كثيرة، يستبعد أن تنتهي هذه المواجهة بغلبة طرف على الآخر بعملية خاطفة، بل يتوقع أن يكون مقدمة لحرب قد تدوم طويلًا، مشيرًا إلى أن مسارح الصراع لن تكون واحدة.
كما يلفت إلى أن تغييرًا كبيرًا قد طرأ على قواعد الاشتباك السياسي في السودان منذ انقلاب عام 2021.