Skip to main content

النسوية العربية.. هل هي حركة ضد التمييز أم خطاب نخبوي؟

الخميس 29 يونيو 2023

بعد نحو قرن من النضال من أجل العدالة والمساواة في التعليم والعمل والمشاركة السياسية والحريات العامة والشخصية، لا يزال ينظر إلى الحركة النسوية العربية باعتبارها فكرة غربية دخيلة.

ووسط ذلك، لا تزال التساؤلات تُطرح حول الحركة النسوية العربية، فهل هناك تعارض بين المطالبة بالعدالة والمساواة بين الجنسين على أساس المواطنة، وبين ما يوصف بالخصوصيات الثقافية والاجتماعية؟ وهل هي خطاب مستورد؟

الحركة النسوية العربية

جاءت النسوية العربية كحركة اجتماعية وسياسية من رحم الحركة الوطنية، وارتبطت بقضايا الاستقلال الوطني والديمقراطية في بدايات القرن العشرين، بالإضافة إلى مطالبات بالمساواة مع الرجل في التعليم والعمل والمشاركة السياسية.

ونجد الإرهاصات الأولى لهذه الحركة عند رفاعة الطهطاوي في كتابه "المرشد الأمين"، الذي طالب بتعليم البنات واختلاطهن بالبنين، وعائشة تيمور في رسالتها "مرآة التأمل في الأمور"، التي قدمت قراءة نسوية لمفهوم القوامة في القرآن، وزينب فواز في "الرسائل الزينبية" التي دعت إلى تعليم النساء، ومشاركتهن الرجال في الأشغال.

كما نجدها عند الأميرة نازلي صاحبة أول صالون ثقافي ارتاده مثقفو عصرها، ومنهم قاسم أمين صاحب "تحرير المرأة" ثم "المرأة الجديدة"، وفيهما يطالب بحقوق النساء في التعليم والعمل وسفور الوجه والكفين.

وتواصلت مسيرة الحركة النسوية العربية مع اللبنانية نظيرة زين الدين في كتابيها "السفور والحجاب" و"الفتاة والشيوخ"، والتونسيتان حبيبة المنشاري ومنوبية الورتاني وأيضًا الطاهر حداد صاحب كتاب "امرأتنا في الشريعة والمجتمع" عام 1930، بالإضافة إلى كاتبات وشخصيات نسائية عامة مثل نبوية موسى وملك حفني ناصف وأخريات.

جانب من احتجاجات الحركة النسائية في تونس - غيتي

الاتحادات النسوية

في العام 1923 تأسس الاتحاد النسائي المصري تبعته اتحادات وهيئات نسائية في تونس والأردن.

وفي العام 1952 تأسس الاتحاد النسائي اللبناني، تلاه نادي البحرين للسيدات عام 1953، والاتحاد العام للمرأة الفلسطينية عام 1965، وجمعية مصرية أخرى تحمل اسم الرائدة النسوية هدى شعراوي عام 1966. ثم الاتحاد النسائي في العام بالإمارات عام 1975.

وقد ربطت هذه الهيئات قضية المرأة بالنضال الوطني من أجل الاستقلال في مرحلة ما بعد الاستعمار ، صعود الدولة القومية العربية في الخمسينيات والستينيات. وفي هذه المرحلة برزت أسماء ناشطات مثل نوال السعداوي في مصر وفاطمة المرنيسي في المغرب، ولور مغيزل في لبنان وغيرهن.

ارتبطت النسوية بقضايا الاستقلال الوطني والديمقراطية في بدايات القرن العشرين - غيتي

أمّا مرحلة ما بعد الربيع العربي فقد شهدت حراكًا نسويًا عربيًا غير مسبوق، حيث شاركت النساء بكثافة في ثورات بلادهن ضد الدكتاتورية والاستبداد، وسقطت شهيدات وبرزت ناشطات، وانتعشت خطابات نسوية مختلفة ومتنوعة، عبرت عن فاعلية الحركة النسوية وواقعية قضاياها.

"النسوية توجه فكري ورؤية للعالم"

وفي هذا السياق، تؤكد أستاذة الأدب الإنكليزي والمقارن في جامعة القاهرة شيرين أبو النجا أن موضوع النسوية العربية "في غاية الأهمية"، لكنها تشير إلى ضرورة ضبط الكثير من المصطلحات المتعلقة بهذا الموضوع، بالإضافة إلى مصطلحات أخرى.

وتقول في حديث إلى "العربي"، من القاهرة، إن كلمة النسوية هي المعادل العربي لكلمة "Feminism". ورغم أنها ترى أن هذا المصطلح "فضفاض وغائم" إلا أنها ترى فيه "تعبيرًا عن فكر ورؤية للعالم بداية من الأحداث السياسية الكبرى وصولًا إلى التفاصيل المتعلقة بالعمل المنزلي".

وفيما تشير إلى أن النسوية هي توجه فكري ورؤية للعالم، توضح أن هناك رجالًا يمكن أن يكونوا نسويين، وأن الأمر لا يقتصر فقط على النساء، مشددة على ضرورة تجاوز أن فكرة أن النسوية هي ضد الرجال.

مطالب الحركة النسوية

من جانبها، توضح وزيرة المرأة وشؤون الأسرة في تونس سابقًا سهام بادي، أن النسوية هي فكر وتوجه ومجموعة من الآراء والأفكار قادها أفراد أو مجموعات تشكلت على هيئة جمعيات نسوية، تحتوي على رجال ونساء يؤمنون الفكرة نفسها وهي الدفاع عن المساواة.

وفي حديث لـ"العربي" من باريس، تضيف بادي أن الحركة النسوية مرت بفترات مختلفة، حسب متطلبات العصر، فالمطالب التي نودي بها في الماضي ليس نفسها التي يطالب بها اليوم.

وتشير بادي إلى أن مطالب الحركة النسوية في مراحلها الأولى، كانت عبارة عن حركات احتجاجية على الظلم الاجتماعي المسلط على المرأة، ثم أصبحت حركات احتجاجية على الظلم الاقتصادي، ثم ساهمت في التحرر إبان استعمار البدان العربية، إلى أن أصبحت حركة تدعو إلى المساواة والمطالب السياسية والوصول إلى المناصب العليا.


المصادر:
العربي
شارك القصة