الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

النفوذ الضائع.. روسيا وأوكرانيا وحكاية "الحرب" المستمرة منذ عقود

الحرب على أوكرانيا
النفوذ الضائع.. روسيا وأوكرانيا وحكاية "الحرب" المستمرة منذ عقود
الخميس 24 فبراير 2022

شارك القصة

روسيا وأوكرانيا.. تاريخ من الصراع بين الجارين اللدودين

ظل النفي الروسي سيد الموقف إلى أن دقت ساعة الصفر. ترجم الغرب الاحتشاد العسكري على حدود أوكرانيا بنية لدى موسكو "غزو" الجارة السوفيتية السابقة، وبالتهديد حينًا والمسعى الدبلوماسي حينًا آخر حاول سحب فتيل الأزمة.

غير أن روسيا، التي سبق أن تحدث وزير خارجيتها عن "حديث الطرشان"، بعدما التقى نظيرته البريطانية في موسكو، بدا أنها لم تسمع فرقعة "سلاح العقوبات". 

وبعدما اعترفت باستقلال منطقتين انفصاليتين شرقي أوكرانيا، بدأت عملية عسكرية على الأراضي الأوكرانية تتواصل ردود الفعل المنددة بها. 

لا تهتم روسيا على ما يبدو للتعليقات وردود الأفعال. فهي كانت قد وضعت على الطاولة شروطًا تمنع دخول أوكرانيا إلى حلف الناتو، وتستوجب إعطائها الضمانات الأمنية. وقبل أيام أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الملأ أن أوكرانيا "جزء لا يتجزأ من تاريخ روسيا"، وأن كييف لم يكن لديها "مطلقًا تقاليد دولة حقيقية".

والتاريخ الذي تحدث عنه بوتين لا يقتصر بطبيعة الحال على عمر الاتحاد السوفيي، الذي جمع أوكرانيا وجمهوريات سوفيتية أخرى تحت راية موسكو. 

مع العلم أن كييف لم تخرج من عباءة روسيا لدى إعلان استقلالها عام 1991، وظلت تدور في فلكها، ولا سيما وأنها شكلت "حالة خاصة" للكرملين، بما تمثله من عمق استراتيجي مهم وحساس. 

فهي تشكل إلى جانب بيلاروسيا حاجزًا جغرافيًا يفصل روسيا عن الدول الأوروبية الكبرى ذات العضوية في حلف شمال الأطلسي. وتتشارك مع روسيا حدودًا طولها أكثر من 1200 ميل. 

يُضاف إلى ذلك أهمية موقع أوكرانيا الجغرافي لروسيا، اقتصاديًا وسياسيًا، إذ تمر عبر أراضيها خطوط الغاز الروسي الذي يمثل ثلث إمدادات أوروبا، كما أنّ أوكرانيا نفسها تمثل سوقًا كبيرًا للغاز الروسي.

أما ديموغرافيًا، فيُعد عدد كبير من سكانها من الروس، وهم يتركزون في شرق البلاد. كما أنّ نحو ثلث السكان في البلاد يتحدثون الروسية.

"أكبر كارثة جيوسياسية"

قبل نحو 20 عامًا صرّح بوتين بالقول إن "انهيار الاتحاد السوفيتي كان أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين".

وفيما أشارت تقارير إلى رغبته في تأسيس اتحاد إقليمي من الدول السوفياتية السابقة، كتَب مقالًا عام 2021 أشار فيه إلى أن "الروس والأوكرانيين والبيلاروسيين من نسل سلافي واحد"، وأنهم كانوا يتحدثون لغة واحدة هي الروسية القديمة.

وأوكرانيا كانت قد عُرفت تاريخيًا باسم "روسيا الصغرى"، ومهد الكنيسة الروسية الأرثوذكسية التي نشأت على أكتافها إمبراطورية القياصرة الروس.

وظهرت في أوكرانيا خلال القرون الوسطى، دولة "كييف روس"، وهي اتحاد من القبائل السلافية قبل عصر الدول القومية في البلدين.

أما في المرحلة التي تلت استقلال أوكرانيا مطلع العقد الأخير من القرن الماضي، فقد تولى السلطة نظام موال للروس، وعانت البلاد من الفقر والفساد.

اندلعت عام 2004 "الثورة البرتقالية" في أوكرانيا، فأخرجتها من مدار النفوذ الروسي. غير أن روسيا لم تقف مكتوفة الأيدي. 

وعام 2008، عُقدت قمة حلف شمال الأطلسي في بوخارست، وقدم حينها الحلف دعوة لأوكرانيا للانضمام إلى صفوفه، لكن روسيا أدانت واستنكرت، فخمد اللهيب حينها.

مرة جديدة استفاق نفوذ الروس، عام 2010، حين عاد فيكتور يانوكوفيتش الموالي لموسكو إلى المشهد السياسي وتولى السلطة وعاد معه التوتر السياسي نهاية عام 2013، حين عطل الرئيس الموالي للكرملين اتفاقًا للتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي، بهدف إعادة تقوية العلاقات الاقتصادية مع روسيا، ما تسبب في اندلاع احتجاجات واسعة انتهت بهروب يانوكوفيتش بعد نحو 3 أشهر.

وعلى الأثر، زحفت روسيا عسكريًا لبسط نفوذها شمال البحر الأسود، وضمت شبه جزيرة القرم بزعم "حماية الأقلية الروسية فيها"، ما وفر لها ميزات اقتصادية وعسكرية مع سهولة وصول سفنها إلى البحر المتوسط.

بدورهم، بسط الانفصاليون المدعومون من روسيا سيطرتهم على مناطق شرقي أوكرانيا، فاندلعت حرب أهلية في دونباس، انتهت بتوقيع اتفاقية مينسك عام 2015، التي تقضي بوقف إطلاق النار وإقامة منطقة عازلة وسحب الأسلحة الثقيلة. 

الاتفاقية نفسها أعلن بوتين قبل أيام أنها لم تعد موجودة وماتت قبل وقت طويل من قرار بلاده الاعتراف بـ"جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك".

المزيد عن الجذور "التاريخية" للصراع بين روسيا وأوكرانيا في وثائقي أنا العربي..
المصادر:
العربي
Close