تتواصل الانتقادات الدولية لحركة طالبان في أفغانستان، وقد تركّزت في الساعات الأخيرة على اللوائح الجديدة التي فرضتها على العمل الصحافي في البلاد.
يأتي ذلك بعدما فرض المركز الإعلام والمعلومات الحكومية قواعد جديدة ملزمة للصحافيين في أفغانستان وصفتها المنظمات الحقوقية بالتعسفية.
وتحظر القواعد الجديدة نشر كل ما يتعارض مع الإسلام أو يهين الشخصيات الوطنية، فضلًا عن تقييد بثّ أي محتوى لم يجرِ تأكيده رسميًا.
ومنذ تولي طالبان السلطة، أغلقت أكثر من 153 مؤسسة إعلامية أبوابها في المدن الكبرى وسجّل احتجاز أكثر من 32 صحافيًا من قبل الحركة، فضلًا عن فرار العشرات منهم خارج البلاد.
صلاحيات واسعة لطالبان في مواجهة الصحافيين
وبحسب مراسل "العربي" في كابل، يدرك الصحافيون في أفغانستان أنّ عملهم محفوف بالمخاطر، لكن اللوائح التي فرضتها حركة طالبان تمنحها سلطات واسعة في مواجهة المؤسسات الصحافية، لا سيما أنّ أبرز بنودها تتعلق بضرورة نشر الأخبار التي تتماشى فقط مع إيديولوجيا الحركة.
وتشير منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أنّ القواعد الجديدة تنال بشدة من حرية الإعلام والتعبير، وتلفت إلى أنّ الصحافيين باتوا يمارسون الرقابة الذاتية خشية أن ينتهي بهم الأمر في السجن، خصوصًا بعد سلسلة أحداث تعرّض فيها العاملون في المجال الإعلامي للضرب المبرح والاعتقال، فضلًا عن الملاحقات بحق الصحافيات.
من جهته، انتقد الاتحاد الدولي للصحافيين القواعد الجديدة التي فرضتها حركة طالبان بوصفها قابلة للتفسير بصورة تعسفية من قبل السلطات، في غياب تعريفات عملية للمصطلحات القانونية.
صحافيون يحتجّون: "حياتنا في خطر"
وفي سياق متصل، يقول الصحافي في وكالة أبناء "آرياكانكاش" مبين موحد لـ"العربي": إنّ "طالبان لا تحترم الصحافيين"، مشيرًا إلى أنّ "الوضع يزداد صعوبة أكثر فأكثر". ويلفت إلى أنّ "هذه القواعد الجديدة تضيف مزيًدا من القيود، وقد نجد أنفسنا في النهاية مضطرين للتوقف عن العمل".
أما الصحافية في تلفزيون أفغانستان يالدا نيغا فتقول: "نحن مواطنون مخلصون. نريد أن نخدم بلدنا ليكون لدينا مستقبل أفضل". لكنّها تضيف: "لسوء الحظ هذا الأمر بات صعبًا جدًا. حياتي وحياة عائلتي في خطر لأنّني صحافية. حتى تتحسن الأمور ربما علينا الخروج من البلاد".
"الدستور" يكفل حرية التعبير
ويؤكد الباحث السياسي فضل الهادي وزين وجود قلق في داخل أفغانستان، وأيضًا لدى المجتمع الدولي بشأن حرية التعبير وحرية الإعلام في أفغانستان.
ويشير وزين، في حديث إلى "العربي"، من إسطنبول، إلى أنّ ما يُفهَم من اللائحة الجديدة لحركة طالبان، أو من بعض بنودها على الأقلّ، أنّ هناك قيودًا فرضت أو ستفرض على وسائل الإعلام في أفغانستان.
ويلفت إلى أنّ بعض سلوكيات حركة طالبان مع الصحافيين في الآونة الأخيرة خلال تغطيتهم لبعض التظاهرات أثارت الكثير من القلق أيضًا.
لكنّ الباحث السياسي يذكّر بأنّ حركة طالبان أعلنت أنها ستعتمد الدستور الأفغاني الذي يعود للعهد الملكي مؤقتًا للبلاد باستثناء بعض البنود التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية والدين الإسلامية.
ويرى أنّه "لو طُبّق هذا الدستور وإذا بقيت البنود التي تتعلق بحرية التعبير، فهذا الدستور يكفل حرية التعبير وحرية النشر".