في ظل الجمود الحاصل في المباحثات الهادفة إلى إحياء الاتفاق النووي والمتوقفة منذ أقل من أربعة أشهر، اعتبر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان اليوم الأربعاء أنّ نافذة المفاوضات النووية ما زالت "مفتوحة"، لكنها لن تبقى كذلك "إلى الأبد".
واستقبل سلطان عُمان هيثم بن طارق عبد اللهيان في مسقط وتسلّم منه رسالة من الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي "تتعلق بأوجه التعاون القائم بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات في إطار العلاقات الثنائيّة الطيّبة التي تجمعهما"، وفق ما أوردت وكالة الأنباء العمانية.
حديث عن "نفاق" القوى الغربية
وانتقد عبد اللهيان ما وصفه بـ"نفاق" القوى الغربية "وخصوصًا الولايات المتحدة"، على هامش زيارته إلى سلطنة عمان التي تعتبر وسيطًا إقليميًا مهمًا، مشددًا على أنه "غير متأكد من أن النافذة المفتوحة اليوم ستبقى كذلك غدًا".
وتأتي زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى مسقط، في وقت وصلت فيه المفاوضات النووية إلى طريق مسدود، وازدادت التوترات بين إيران وأوروبا والولايات المتحدة.
وأشار وزير الخارجية الإيراني إلى أن القضية النووية كانت على رأس قائمة النقاشات.
#إيران تعبر عن استعدادها لعودة المفاوضات النووية رغم "النهج غير الواقعي"#العربي_اليوم تقرير: رشدي رضوان pic.twitter.com/yS2qLfHkjK
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) December 25, 2022
وحذّر على هامش الاجتماع من أن "نافذة التوصل إلى اتفاق لن تبقى مفتوحة إلى الأبد"، وفق ما يظهر في فيديو بثته وسائل إعلام رسميّة.
ونبّه الوزير من أنه "إذا أراد الغربيون الاستمرار في سلوكهم المنافق والتدخليّ، فسوف نتجه إلى مسار آخر".
وكان الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي زار سلطنة عمان في مايو/ أيار الماضي.
وبدأت إيران والقوى الدوليّة الكبرى محادثات في أبريل/ نيسان 2021 في فيينا بهدف إحياء اتفاق دولي أبرم عام 2015 بهدف ضمان الطابع المدني لبرنامج إيران النووي، علمًا أن الأخيرة تنفي باستمرار أنها تسعى إلى تطوير قنبلة ذريّة.
وبعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2018، عادت طهران تدريجيًا عن التزاماتها الواردة في الاتفاق. وتعهّد الرئيس الأميركي جو بايدن السعي لإحياء الاتفاق، لكن المفاوضات التي بدأت في فيينا متوقفة الآن.
"اتفاق بحكم الميت"
لكن بايدن الأسبوع الماضي، اعتبر أن الاتفاق الذي أبرمته الدول الكبرى مع إيران للحد من برنامجها النووي بات "في حكم الميت"، لكنه لن يقوم بالإعلان عن ذلك، حسبما يظهر تسجيل مصور غير رسمي.
من جهتها، أبدت إيران مؤخرًا استعدادها للعودة إلى المشاورات، بحسب ما كتب مستشار الفريق الإيراني المفوض عبر موقع "تويتر" محمد مرندي، مشيرًا إلى أن بلاده لا تسعى لامتلاك السلاح النووي ولو أرادت ذلك "لقامت بالأمر منذ سنة"، وفق قوله.
وفي 5 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، أعلنت إيران أنها لن تقبل باستئناف مفاوضات إعادة إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 تحت الضغط والتهديد ولن تقدم تنازلات.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني وقتها: إن المفاوضات لها منطقها الخاص، وإيران التزمت بخطة العمل المشترك الشاملة (الاتفاق النووي)، لكن الولايات المتحدة الأمريكية انسحبت من الاتفاق (عام 2018).
ومضى يقول: "إيران لازالت ملتزمة بعملية التفاوض وتسعى لحسمها، غير أنها لن تتفاوض على أساس الحاجة إلى المفاوضات، وحاجة الغرب إلى التفاوض ليست أقل من حاجة إيران إليه، والاتفاق متاح ويمكن للأطراف المعنية به التوصل إليه في أقصر وقت ممكن".
ويتيح اتفاق عام 2015 تخفيف العقوبات عن إيران مقابل تقييد برنامجها النووي، لمنعها من تطوير قنبلة نووية، علمًا بأن الجمهورية الإسلامية تنفي على الدوام السعي لتحقيق هذه الغاية وتؤكد سلمية برنامجها.
وساطة عمانية
وردًا على سؤال حول احتمال وساطة عمانية في المحادثات النووية المتعثرة، أكد حسين أمير عبد اللهيان أن "السلطات العمانية لعبت دائمًا دورًا إيجابيًا وبناء في تقريب وجهات النظر بين الأطراف".
وسبق لسلطنة عُمان أن أدّت دورًا وسيطًا بين طهران وواشنطن في الفترة التي سبقت إبرام الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني عام 2015.
وفي هذا الإطار، رأى الباحث السياسي عبد الله باعبود أن علاقة سلطنة عُمان مع دول الخليج وإيران تساهم من ناحيتين، الأولى أن تجعل منها دولة تحظى بثقة الجميع، والثانية تساهم في حدوث تفاهمات ما بين الجانبين في الخليج.
وأضاف باعبود في حديث لـ"العربي" من مسقط: أن "زيارة وزير الخارجية الإيراني ستتطرق لموضوع اليمن الذي لا بد من أن يحسم قريبًا بحيث يكون هناك حل سلمي".
وترتبط إيران بعلاقات سياسية واقتصادية وثيقة مع سلطنة عُمان التي أبقت على تمثيلها الدبلوماسي في طهران على حاله مطلع عام 2016، رغم قيام دول في مجلس التعاون الخليجي بمراجعة علاقاتها مع إيران بعد الأزمة بين المملكة العربية السعودية وإيران.