انتهاكات واعتداءات لا تتوقف.. هل تجرؤ إسرائيل على تقسيم المسجد الأقصى؟
تدفق آلاف المصلين إلى المسجد الأقصى المبارك لأداء صلاتي العشاء والتراويح مساء الجمعة، حيث أعلنت دائرة الأوقاف الإسلامية بأن عددهم وصل إلى 220 ألف رغم اعتداءات الاحتلال والتضييق عليهم بشكل يومي.
وكانت قوات الاحتلال قد اقتحمت بعد صلاة الفجر المسجد الأقصى جهة باب المغاربة، وأطلقت الرصاص المعدني المغلف بالمطاط وقنابل الغاز والصوت باتجاه المصلين، ما أسفر عن 13 إصابة بالاختناق والأعيرة المطاطية بحسب الهلال الأحمر الفلسطيني.
كما ينتشر الآلاف من عناصر شرطة الاحتلال في أنحاء مدينة القدس الشرقية، وبخاصة في محيط البلدة القديمة، وفي أزقتها، وقرب بوابات المسجد الأقصى.
ومنعت إسرائيل، جميع سكان قطاع غزة من الوصول إلى المسجد الأقصى، وهو الإجراء الذي تتخذه منذ بداية شهر رمضان.
زيادة ممنهجة للاقتحامات
ويتحدث عماد أبو عواد الخبير في الشأن الإسرائيلي لـ"العربي"، من رام الله، عن خلفيات زيادة وتيرة الاقتحامات التي ينفذها الاحتلال والتي بدأت في التصاعد منذ سنوات.
ويوضح أنّ هذا السلوك الإسرائيلي بات يشير إلى ضرورة أن يكون هناك تكريس معين لاقتحامات المستوطنين في المسجد الأقصى، كاشفًا أن أعداد المقتحمين ارتفعت من 6000 عام 2009 إلى حدود الـ40 ألفًا عام 2020.
ووفق أبو عواد، تدل هذه الأرقام إلى وجود سياسة تهدف من خلالها سلطات الاحتلال إلى التدرج في السيطرة المكانية على المسجد الأقصى، عبر زيادة أعداد المقتحمين، وهو ما يترافق مع أداء هؤلاء لصلواتهم داخل ساحات المسجد وبروز فتاوى للحاخامات بضرورة اقتحام المكان المقدس.
أما في ما يتعلق بالتوترات التي شهدها المسجد الأقصى تحديدًا خلال شهر رمضان المبارك فيقول أبو عواد لـ"العربي": "ما من شك في أن هناك محاولة لتجسيد أمر معين رغم امتناع إسرائيل عن بعض الأمور الاستفزازية المرتبطة بالسماح للمستوطنين بذبح القرابين داخل ساحات المسجد ومنع مسيرة الأعلام خوفًا من الانزلاق إلى مواجهة شاملة".
وأردف: "لكن في المقابل كان هناك أعداد مقتحمين أكبر واقتحام مكثف من الشرطة والجيش.. وبالتالي تريد إسرائيل ترسيخ أمور مرتبطة بالتقسيم الزماني والانتقال بعدها ربما إلى بعض المشاريع في محيط المسجد".
هل يجرؤ الاحتلال على تقسيم الأقصى؟
في المقابل، يستبعد الخبير في الشأن الإسرائيلي أن يتجرأ الاحتلال في الفترة المقبلة على تنفيذ مخططات لتقسيم المسجد الأقصى مكانيًا وزمانيًا، والسبب هو أن المستوى السياسي والأمني داخل دولة الاحتلال لا يريد ذلك بأي شكل من الأشكال ويعرف تمامًا أن الأقصى يمكن أن يشعل كل المنطقة وليس فقط الضفة الغربية والداخل المحتل وقطاع غزة.
لكن أبو عواد يشير إلى وجود عامل مهم يضغط على الحكومات، إذ يعرف بوجود أكثر من 50 جماعة تعمل داخل المدينة المقدسة بشكل مكثّف ولديها دعم كبير من دول العالم المختلفة ويقف إلى جانبها اليمين المتطرف، وتضم أفرادًا مستعدين "للذهاب بعيدًا في هذا الاتجاه لتثبت أمر معين".
وعن أسباب تخوف الحكومة الإسرائيلية من تنفيذ مخططات تقسيم في الوقت الحالي فيتطرق الخبير في الشأن الإسرائيلي إلى واقع الحكومة الحالية التي لا تمتلك أغلبية، وقد تسقط خلال الفترة المقبلة، مذكّرًا بأنّها جاءت نتيجة علاقة واضحة مع الولايات المتحدة، وبضغط من إدارة الرئيس جو بايدن.
ويتابع أبو عواد لـ"العربي": "أما السبب الثالث فيعود للعلاقات التطبيعية مع الدول العربية، إذ لا تريد هذه الحكومة تشويشها، كما وأن أي حكومة أخرى مكانها لن تجازف باتجاه الذهاب نحو تصعيد على الجبهات الفلسطينية الثلاث وجبهات أخرى في المحيط".
رغم كل هذه التخوفات، تحاول حكومة الاحتلال "مجاملة المستوطنين المتطرفين" لا سيما أن رأس هذه الحكومة ينتمي إلى الصهيونية الدينية، وفق أبو عواد.