شهد السودان اليوم نزول عشرات الآلاف من المواطنين في الشوارع، تنديدًا بالانقلاب العسكري على الحكم المدني في البلاد. واجتاحت التظاهرات مختلف المناطق والمدن، وأدت الأحداث إلى سقوط 3 قتلى.
وتعدّ التظاهرات أشبه باستفتاء على رفض قرار قائد المجلس العسكري عبد الفتاح البرهان الاستيلاء على السلطة، وعزل المكون المدني من الحكم.
استرداد الثورة
ورغم الهدوء والحذر في شوارع الخرطوم صباحًا، إلا أن ساعات الظهر الأولى بدأت تكشف عن احتشاد السودانيين باندفاع وغضب.
وشق السودانيون من جديد عبر التظاهر طريقًا آخر، يعتبرون أنه لن ينتهي إلى بتغيير ديمقراطي كبير في البلاد.
ويعتبر السودانيون، بمشاركتهم في التظاهرات، أنهم يساعدون في استرداد الثورة وحمايتها، واستعادة الحكم المدني للبلاد.
واحتدّ الصراع في الشارع السوداني، بين من يريد أن يكون الجيش بطموح سياسي، وبين من يريد أن يعود المكوّن العسكري إلى الثكنات.
"لن يتراجع السودانيون"
في هذا السياق، يرى عضو المكتب السياسي في حزب المؤتمر السوداني نور الدين صلاح الدين أن "السودان لن يعود إلى عهد الديكتاتورية، والشعب السوداني قال كلمته اليوم في مختلف المناطق والولايات".
ويعتبر صلاح الدين، في حديث إلى "العربي" من الخرطوم، أنه "إذا كان من إيجابية للانقلاب، فهي إعادة وهج الثورة".
ويؤكد صلاح الدين أن "السودانيين لن يتراجعوا عن حلمهم بالوصول إلى دولة ديمقراطية مدنية".
ويشدد على أن "الفرصة كانت متاحة أمام البرهان ليدخل التاريخ عبر تنفيذ طلبات الشعب، إلا أنه اليوم خان كل عهوده".
"لم تأتِ بانتخابات"
من جهته، يرى الأستاذ في معهد الأمن القومي عبد الهادي عبد الباسط أن "الحكومة المدنية برئاسة عبد الله حمدوك تشكلت بموافقة المكون العسكري ولم تأتِ بانتخابات".
ويعتبر عبد الباسط، في حديث إلى "العربي" من الخرطوم، أن "الحكومة المدنية أخطأت في إدارة الفترة الانتقالية، وتجاوزت كل بنود الوثيقة الدستورية".
ويشير إلى أن "حمدوك تجاوز كل بنود الوثيقة الدستورية بدعم من بعض الأحزاب الصغيرة، وداس على كل العهود، ونفّذ خروقات كبيرة وأوصل البلاد إلى أسوأ المراحل".
ويشدد على أن "ما قام به البرهان ليس انقلابًا، بل هو رئيس مجلس السيادة وليس هناك رئيس لينقلب عليه".
"سردية بعيدة عن الحقيقة"
بدوره، يؤكد رئيس تحرير صحيفة الجماهير عباس محمد إبراهيم أن "انقلاب البرهان ليس الأول ولن يكون الأخير".
ويلفت إبراهيم، في حديث إلى "العربي" من الدوحة، إلى أن "البرهان في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، عندما عزل حمدوك، كان يبني خططه على أن ردود الفعل ستأتي متأخرة".
ويعتبر أن "تحرّك الشارع في مواجهة قرارات البرهان بعد ساعات من قراراته، أدى إلى تغيير مخططات المجلس العسكري".
ويشير إلى أن "المجلس العسكري يريد خلق سردية للانقلاب بعيدة عن الحقيقة".