Skip to main content

بتسلئيل سموتريتش.. القصة الكاملة لأخطر مستوطن في إسرائيل

الإثنين 12 أغسطس 2024
بتسلئيل سموتريتش.. عرّاب الاستيطان وقاتل حل الدولتين - غيتي

بموازاة حرب الإبادة المتواصلة منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي في قطاع غزة، شنّ وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش حربًا من نوع آخر على الشعب الفلسطيني، هي حرب استيطان.

فقد شرع الوزير الإسرائيلي المتطرف منذ شهور بتنفيذ خطط ابتلاع 60% من أراضي الضفة الغربية المحتلة، تنفيذًا لوعده بالقضاء على حل الدولتين وتوافقَا مع عقيدة "إسرائيل الكبرى" التوسعية، كما يُطلَق عليها.

وفي أكثر من مناسبة، لوّح سموتريتش بتوسيع الاستيطان، حتى إنّه رسم معادلة قوامها إقامة مستوطنة جديدة باسم كل دولة تعترف بشكل أحادي بالدولة الفلسطينية، بل إنّه يقول إنّ مهمّة حياته هي "إحباط إقامة دولة فلسطينية".

استولى سموتريتش على أرض فلسطينية خاصة وأقام عليها منزله من دون ترخيص حكومي من الدولة - غيتي

من هو بتسلئيل سموتريتش؟

في مستوطنة "خاسبين Haspin" جنوب الجولان السوري المحتل، ولد سموتريتش لعائلة أوكرانية من غلاة القومية الدينية. وفي مستوطنة "بيت إيل" شمال رام الله نشأ في المدارس التي تجمع بين الديانة اليهودية والفكر الصهيوني.

وفي مستوطنة كدوميم المقامة على أرض نابلس شمال الضفة الغربية، يقيم الرجل مع زوجته المسُتوطِنة وأطفاله السبعة بعد أن استولى على أرض فلسطينية خاصة وأقام عليها منزله من دون ترخيص حكومي من الدولة، علمًا أنّ هذه المستوطنات والمدارس كانت مركز تيار "الصهيونية الدينية" الذي شكل أيديولوجية سموتريتش.

ورُغم أنه حاصل على درجة البكالوريوس في القانون ورخصة مزاولة مهنة المحاماة، إلا أنه لا يؤمن بالقانون الدولي أو اتفاقات السلام مع دول الجوار أو أي قوانين إسرائيلية تتعارض مع عقيدة "أرض إسرائيل الكبرى" التي تهدف إلى فرض السيادة على كامل الأراضي الفلسطينية وأجزاء من الأردن وسوريا ولبنان، وبسببها، تريد الأحزاب اليمينية القومية تغيير البنية الدستورية لإسرائيل وإقامة دولة تخضع للقوانين والتشريعات الدينية.

كيف أحكم سموتريتش قبضته على خيوط اللعبة؟

شقّ بتسلئيل سموتريتش طريقه السياسي إلى الكنيست عام 2015، وتدرّج في عدة مناصب لم تلبّ طموحاته الاستيطانية الجامحة، إلى أن دخل حكومة بنيامين نتنياهو أواخر 2022 وحصل على وزارة المالية، فكان له ما أراد.. "التحكم بميزانية الدولة".

سموتريتش حصل أيضًا على منصب وزير الإدارة المدنية بوزارة الدفاع، ونقل نتنياهو إدارة شؤون الضفة الغربية والمستوطنات من الجيش إليه، ومنحه صلاحيات مصادرة الأراضي والأبنية الفلسطينية والموافقة على بناء وحدات سكنية في المستوطنات، والترخيص بـ"أثر رجعي" للبؤر الاستيطانية التي تم بناؤها من دون موافقة الحكومة. 

هكذا أصبح سموتريتش الوزير الفعلي للمستوطنات، فأحكم قبضته على خيوط اللعبة، وشكّل سلطة "إدارة المستوطنات" لبدء الضم الفعلي لأراضي الضفة الغربيةالتي تعتبرها الصهيونية الدينية المعقل التاريخي والديني للشعب اليهودي، والتي يسمّيها سموتريتش خطة "توحيد أراضي إسرائيل"، وفق زعمه.

شنّ بتسلئيل سموتريتش حرب استيطان بموازاة حرب الإبادة في غزة وشرع منذ شهور بتنفيذ خطط ابتلاع 60% من أراضي الضفة الغربية، تنفيذًا لوعده بالقضاء على حل الدولتين وتوافقَا مع عقيدة "إسرائيل الكبرى" التوسعية.

وتشمل الخطة ضم 180 مستوطنة و200 بؤرة استيطانية في الضفة الغربية يقطنها نصف مليون مستوطن إلى أراضي إسرائيل، ما يعني سرقة ما يزيد على 60% من أراضي الضفة المحتلة، بالإضافة إلى ضم 27 مستوطنة في القدس الشرقية، يقطنها ربع مليون مستوطن آخر. كما تشمل الخطة أيضًا شرعنة بؤر استيطانية غير مرخصة وبناء مستوطنات جديدة.

أوعز سموتريتش لـ"مجلس تخطيط المستوطنات" للمصادقة على بناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة في الضفة الغربية. وفي مايو/أيار 2023 أي قبل السابع من أكتوبر بخمسة أشهر، أصدر سموتريتش تعليمات إلى الوزارات الإسرائيلية بالاستعداد لانتقال 500 ألف مستوطن إضافي إلى الضفة الغربية المحتلة.

تدرّج سموتريتش في عدة مناصب لم تلبّ طموحاته الاستيطانية الجامحة، إلى أن دخل حكومة بنيامين نتنياهو أواخر 2022 وحصل على وزارة المالية - غيتي

بتسلئيل سموتريتش ليس وحيدًا

لم يكن سموتريتش لاعبا وحيدا في تلك الخطة، فقد سلّم الجيش الإسرائيلي صلاحيات قانونية كبيرة في الضفة الغربية لما وصف بـ"هيئة خدمية مدنية" لإدارة شؤون المستوطنين، كان المشرف عليها للمفارقة هو سموتريش نفسه.

كما تعاون معه وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير الذي أوعز لأجهزة الجيش والشرطة بكف يدها عن عنف المستوطنين الذين شنوا مئات الهجمات ضد الفلسطينيين للاستيلاء على أراضيهم ومزارعهم.

ومع عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر، وجد سموتريتش فرصته لبدء خطط التغيير الديمغرافي في الضفة الغربية. فقد كشفت منظمة "السلام الآن" المناهضة للاستيطان أن السلطات الإسرائيلية أقرت خططه للاستيلاء على نحو 13 كيلومترًا مربعًا من الأراضي في وادي الأردن الممتد على طول الجانب الشرقي من الضفة الغربية، في أكبر عملية ضم منذ اتفاقيات أوسلو عام 1993، ولا سيما أنّ هذه الأراضي تربط المستوطنات على طول ممر حيوي مجاور للأردن، ما يهدد بالتالي إقامة دولة فلسطينية مستقبلية.

وكشفت المنظمة أيضًا عن ميزانية الدولة التي وضعها سموتريتش لعام 2024، حيث تبين أن الوزير المتطرف قلّص مخصصات التعليم الرسمي والداخلية وقطاع الخدمات، وخصص 4.9 مليار شيكل (حوالي 1.3 مليار دولار) لتطوير البنية التحتية للمستوطنات وبناء وحدات استيطانية جديدة وشرعنة البؤر الاستيطانية غير المرخصة بمد شبكات المياه والكهرباء والطرق إليها بالإضافة إلى تمويل المدارس الدينية المتطرفة. 

تسجيل مسرّب.. ولا حرج

أما ملامح تنفيذ الخطة فقد كشف عنها تسجيل مسرب لسموتريتش خلال اجتماعه بمستوطنين، قال فيه: "نحن تحت أعين المحكمة العليا والمنظمات الدولية، ولذلك نعمل بصورة حذرة. نتحدث عن نظام جديد، سيحل الكثير من المعيقات، ويتيح الطريق القانوني للاستمرار في الاستيطان".

وأضاف: "نحن في خضم عمل كبير للغاية لفرض سلطة جديدة لإنفاذ القانون، بصبغة إدارة مدنية. جزء من الأمور التي تحدثت عنها طُبقت بالفعل. أتوقع أن تتم بقية الإجراءات حتى الأول من يوليو/ حزيران".

سموترتيش كشف أيضًا في التسريب عن تواطؤ القضاء الإسرائيلي في الاستيطان وهو ما يعتبر "جريمة حرب" وفقًا لميثاق روما ومقررات الأمم المتحدة.

لكنّ المفارقة، أنّ خروج التسريبات إلى العلن لم يشكل حرجًا لسموتريتش الذي أعلن سعيه لتوطين مليون مستوطن آخر في الضفة الغربية بموافقة من مجلس الوزراء "الكابينت".


قصة قائد تيار الصهيونية الدينية وعرّاب أكبر سرقة للأراضي الفلسطينية منذ ثلاثين عامًا، تتابعونها بالتفصيل في الفيديو المرفق الذي أعدّه فريق "العربي تيوب".
المصادر:
العربي تيوب
شارك القصة