خطفت قمة "بريكس" الأضواء في الأيام الأخيرة، في ضوء اجتماعها الذي عقد في جنوب إفريقيا، لمناقشة آخر تطورات المجموعة، ومطالب عدّة دول للانضمام إليها، ما أعاد طرح سؤال "التوسع" بالمطلق.
لكنّ الاهتمام المتصاعد بـ"بريكس" ليس وليد اللحظة، فكلمة "بريكس" بحدّ ذاتها صارت متداولة كثيرًا في السنوات الأخيرة من قبل عدة دول منها عربية، بل تعدها بعض الدول بديلاً حقيقيًا للهيمنة الغربية.
لكن، ما الذي تعنيه الكلمة؟ باختصار، "بريكس" كلمة مكونة من خمسة أحرف، تمثل في الواقع أوائل حروف أسماء هذه الدول: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا.
ولمن يسأل عن تعريف الكلمة، فهي ببساطة تكتل اقتصادي سياسي يجمع نحو 42% من سكان العالم، وتمثل اقتصاداته أكثر من 23% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
"بريكس" وسؤال التوسّع
لا شكّ أنّ أهمية قمة "بريكس" التي عقدت في الأيام الأخيرة جاءت أيضًا في سياقها الدولي، إذ تتعالى أصوات منادية بعالم متعدّد الأقطاب. وقد تصاعدت هذه الأصوات أكثر منذ بداية الحرب في أوكرانيا، ما زاد اهتمام عدة دول بمشاريع تراها بديلة عن الدول الغربية.
ولم يبقَ الأمر مجرد اهتمام، بل أخذت دول عديدة خطوات جدية للانضمام إلى مجموعة بريكس، ومنها السعودية والإمارات ومصر التي حصلت أخيرًا بالفعل، مع إثيوبيا والأرجنتين وإيران، على دعوة إلى الانضمام للتكتل الاقتصادي ابتداءً من العام المقبل.
لكن قبل ذلك، هل هذه المجموعة منفتحة حقًا على انضمام دول إليها؟
لا يبدو الأمر بالسهولة التي يتخيّلها البعض، والدليل على ذلك أن آخر عضو انضم إلى المجموعة كان سنة 2010 وهو جنوب إفريقيا، وكان ذلك بدعوة من الصين، علمًا أنّ 23 دولة قدمت طلبات انضمام رسميًا في فترات مختلفة، منها ثمان عربية.
وليس خافيًا على أحد أنّ توسع المجموعة يشكّل نقطة خلاف كبيرة بين الدول، فبينما تدفع الصين بدرجة كبرى إلى التوسع، لا تشاركُها الهند، صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في المجموعة، الحماسة ذاتها.
وفي معرض تبرير عدم حماستها، ترى نيودلهي أن توسع بريكس قد يصب أولًا في مصلحة بكين التي سيُصبح لها تأثير أقوى داخل التكتل ليتحول إلى قطب تقوده الصين في موازاة مجموعة السبع التي تقودها الولايات المتحدة.
لكن.. هل يمكن أن تشكل "بريكس" بديلاً عن مجموعة السبع؟
من الصعب المقارنة إلى حد الآن، فبريكس ما تزال تكتل اقتصادات ناشئة تبحث عن حلفاء، وبين أعضائها خلافات واسعة تجاه عدة ملفات وقضايا، ولكنها تحاول تقديم بدائل عن المؤسسات الغربية التي تؤثر فيها مجموعة السبع، وعلى رأسها فكرة بنك التنمية التي تعدها المجموعة بديلاً عن البنك الدولي.
ولعلّ هذه الفكرة مثلاً تغري دولة مثل الجزائر، فقد أعلن الرئيس عبد المجيد تبون عن طلب بلاده الانضمام بصفة مساهم في بنك بريكس بقيمة 1.5 مليار دولار، باعتبار ذلك خطوة جدية منه للانضمام إلى المجموعة.
وعلى أهميتها، ليست هذه المسألة الوحيدة التي تجذب دولًا للانضمام إلى المجموعة، فهناك عوامل أخرى جاذبة أيضًا، كفكرة توسيع الشراكة بين الدول المنتجة للنفط والدول المستهلكة له داخل إطار واحد، وكذلك الحديث عن السعودية والإمارات بصفتهما دولًا منتجة والصين والهند باعتبارهما أكثر الدول استهلاكًا.
أكثر من ذلك، ثمّة فكرة تدور منذ فترة في الساحة الدولية، مفادها كسر هيمنة الدولار، حيث تسعى مجموعة بريكس لاعتماد العملة المحلية في تعاملاتها التجارية، إذ اتفق قادة المجموعة في آخر قمة لها في جوهانسبرغ على "إرساء نظام عالمي متعدد" و"إنهاء هيمنة الدولار"، ليبقى التحدّي مدى نجاحها في ذلك.