منذ إعلان إسرائيل بدء عملية برية محدودة داخل الأراضي اللبنانية في 23 سبتمبر/ أيلول الماضي، وحدّدتها جغرافيًا في بلدات وقرى الجنوب، بدأت تتّضح ملامح حصار عسكري إسرائيلي واسع للبنان أكثر فأكثر، لتتسع خريطة العمليات العسكرية من الجنوب إلى الشمال.
ودفع جيش الاحتلال الإسرائيلي بأربع فرق عسكرية للمشاركة في العملية في القطاعين الشرقي والغربي.
وأدت التحركات العسكرية الإسرائيلية المكثّفة إلى أزمة نزوح، حيث هُجر أكثر من مليون شخص من قرى وبلدات جنوب لبنان وأُجبروا على ترك منازلهم هربًا من القصف والغارات الإسرائيلية.
وفي الأثناء، عمد جيش الاحتلال إلى استهداف عدد من المعابر الحدودية بين لبنان وسوريا، وأعلن شنّه أكثر من 8 غارات على المعابر الحدودية، تركّزت قبالة البقاع الأوسط بالقرب من معبر المصنع وهو النقطة الرئيسية بين لبنان وسوريا.
كما أكد الجيش الإسرائيلي استهدافه جوًا عددًا من المعابر بين مدينة الهرمل ومدينة حمص، تحديدًا في البقاع الشمالي، زاعمًا أنّه يركّز على قطع إمدادات الأسلحة من سوريا وإيران إلى "حزب الله".
كما طالب جيش الاحتلال اللبنانيين بالابتعاد عن ساحل البحر جنوب نهر الأولي، زاعمًا أنّه سيعمل ضد أهداف لـ"حزب الله" في المنطقة.
وأفادت تقارير إعلامية إسرائيلية برصد حركة كثيفة للبوارج الحربية على سواحل لبنان، مشيرة في السياق ذاته إلى أنّها شاركت في عمليات قصف الضاحية الجنوبية لبيروت.
حصار جوي
أما الحصار الجوي، فقد فُرض قسرًا نتيجة القصف المستمر للضاحية الجنوبية لبيروت وعدد من أحياء العاصمة بالقرب من مبنى مطار بيروت، ناهيك عن إلغاء كل شركات النقل الجوي لرحلاتها من وإلى بيروت.
وعمد الجيش الإسرائيلي إلى تنفيذ سلسلة تهديدات لإدارة مطار رفيق الحريري الدولي لمنع هبوط طائرات على أرضية المطار، واصفًا إياها بـ"المشبوهة".
وفي هذا الإطار، أوضح الخبير العسكري والإستراتيجي منير شحادة أنّ القصف المتعمّد لمعبر المصنع الحدودي بين بيروت ودمشق هو عبارة عن حصار اقتصادي وإنساني، لأن إسرائيل تعرف أنّ طريق إمداد المقاومة بالسلاح لا يتمّ عبر المصنع.
وقال شحادة في إطلالة من استديوهات التلفزيون العربي في لوسيل، إنّ جيش الاحتلال يفرض أيضًا حصارًا اقتصاديًا إنسانيًا بحريًا، بينما يُحاصر مطار بيروت الدولي أمنيًا عبر استهداف محيطه، مُهدّدًا سلامة الطيران المدني لإجبار السلطات اللبنانية على إغلاقه بنفسها.
وبينما ذكّر بأنّ إسرائيل قامت في بداية حرب تموز 2006 بقصف مدرج مطار بيروت وأخرجته عن الخدمة، أشار إلى أنها تُدرك الآن أنّ المقاومة قادرة على قصف مطار بن غوريون، وبالتالي فهي تسعى لدفع السلطات اللبنانية إلى إصدار قرار بوقف الملاحة الجوية.
لكنّه أكد أنّه على الرغم من القصف، لا تزال شركة "طيران الشرق الأوسط" قادرة على تسيير رحلاتها المدنية.