شنت الفصائل الفلسطينية هجومًا غير مسبوق على أراضي غلاف غزة المحتلة برًا وبحرًا وجوًا في إطار عملية طوفان الأقصى المباغتة والمفاجئة.
ارتبط توقيت الهجوم بحدث ضارب في عمق تاريخ المنطقة، فالسابع من أكتوبر/ تشرين الأول هو اليوم الذي يلي هجوم الجيشين المصري والسوري على قوات الاحتلال في السادس من أكتوبر عام 1973.
جمع عامل المفاجأة بين الهجومين، فالصدمة كانت حاضرة على وجوه القادة الإسرائيليين، وما حدث على الأرض غيّر موازين المعادلة. فكيف بدأ الهجوم الأخير؟
رشقات صاروخية تفتتح طوفان الأقصى
عند السادسة والنصف من صباح 7 أكتوبر/ تشرين الأول، أطلقت كتائب القسام رشقات صاروخية عبر منظومة رجوم. فنفذت تمهيدًا ناريًا سبق عبور المسلحين الفلسطينيين إلى مستوطنات غلاف غزة قبل أن تُطلق نحو 5000 صاروخ، وفقًا لبيان قائدها العام محمد الضيف.
وصل مدى تلك الصواريخ إلى مناطق في تل أبيب واللد وأسدود وعسقلان وشديروت والقدس.
ويقول مراسل "بي بي سي" السابق والخبير في الشؤون الدفاعية والدبلوماسية جوناثان ماركوس: "أعتقد أنه بطريقة ما استخدمت الصواريخ وسيلة إلهاء أو تشتيت، وما يثير الانتباه ببساطة هو الكمية، نظرًا إلى جميع المشكلات التي تواجهها حماس في تهريب المواد إلى غزة، فمن الواضح أن قدرتها على إدخال المكونات وكذلك صنع الأشياء داخليًا صارت أعلى بكثير مما تصوره كثيرون".
وأضاف: "لا أظن أن الصواريخ تسببت في إزعاج كبير، بالطبع سببت بعض الخسائر لكن أعتقد أنها كانت بالأساس مصدر إلهاء لهذا التوغل الاستثنائي".
توغل بري وبحري
وبعد ذلك، انطلقت الفصائل برًا على متن دراجات نارية وعبرت حدود مناطق غلاف غزة المحتلة عند الساعة 7:40 صباحًا، إذ عبر معظم المقاتلين من خلال ثغرات في الحواجز الأمنية التي تفصل بين غزة وإسرائيل.
كما أظهرت مقاطع فيديو هدم المقاتلين الفلسطينيين جزءًا من السياج الفاصل بين قطاع غزة والمناطق المحتلة. وهو السياج الذي تعلوه أسلاك شائكة والمصمم لمنع هذا النوع من التسللات.
في الوقت نفسه عبر عشرات المقاتلين من سرب "صقر" بطائرات مظلية تمكنت من اختراق الدفاعات الإسرائيلية المزودة بتقنيات حديثة لاكتشاف الأجسام الطائرة، لكنها فشلت هذه المرة.
وعبر البحر أيضًا، حمل زورق عشرات المقاتلين نحو مستوطنة زيكيم التي تضم قاعدة عسكرية. كما أكد بيان للقسام خروج 5 زوارق محملة بمقاتلي الكوماندوز البحري إلى شواطئ جنوب عسقلان في اللحظات الأولى للعملية العسكرية.
استهداف مواقع وقواعد عسكرية
كما استهدف هجوم الفصائل الفلسطينية مناطق عسكرية مثل معبر إيريز (كرم أبو سالم) الحدودي وقاعدة زيكيم ومقر فرقة غزة في رعيم.
في الوقت نفسه داهم مقاتلون بلدات شديروت وبئيري وأوفاكيم، كما استهدفوا 21 موقعًا آخر في مناطق غلاف غزة بحسب تصريحات للشرطة الإسرائيلية.
وأكدت الفصائل الفلسطينية أنها سيطرت على مواقع وثكنات عسكرية أبرزها موقع "صوفا" وكيبوتس "صوفا" وحوليت ويتيد في محور رفح في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
عملية تظهر فشل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية
وقد كشفت العملية العسكرية مدى هشاشة النظام الإسرائيلي وأثبتت فشل الأجهزة الأمنية بما فيها المخابرات الداخلية "شين بيت" والمخابرات الخارجية "الموساد" والأجهزة الأخرى.
ورغم تجهيز الحدود وتحصينها بكاميرات مراقبة، وأجهزة استشعار الحركة التي تعلو السياج المحاط بالأسلاك الشائكة، اقتحم مقاتلو الفصائل الفلسطينية الحاجز الإسرائيلي بكل بساطة، ودخلوا لأول مرة منذ عام 1948 المناطق المحتلة برًا وبحرًا وجوًا عبر الطائرات المظلية، في عملية متناسقة فاجأت إسرائيل وحلفاءها.
ويعتبر جوناثان ماركوس أن ذلك كان فشلاً على عديد الأصعدة. ويقول: "كان فشلاً استخباراتيًا أظهر عدم استعداد الجانب الإسرائيلي في المناطق الجنوبية ذلك الفشل يذكرنا بآخر شبيه به، حدث قبل نحو 50 عامًا حينما لم تدرك القوات الإسرائيلية تحركات الجيش السوري والمصري عام 1973".