أخذت الأحداث العراقية في الساعات القليلة الماضية منحى جديدًا، مع الإعلان عن نجاة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي من "محاولة اغتيال فاشلة" بواسطة "طائرة مسيّرة مفخّخة" استهدفت فجر الأحد مقرّ إقامته في العاصمة بغداد.
وأسفر الهجوم الذي لم تتبنّه حتى الآن أيّ جهة وردّ عليه الكاظمي بالدعوة إلى "التهدئة وضبط النفس"، عن إصابتين طفيفتين في صفوف الحرس الشخصي للكاظمي، وفق ما كشف مصدر أمني.
وجاء الهجوم في وقت يشهد العراق توتّرات سياسية شديدة على خلفية نتائج الانتخابات النيابية المبكرة التي جرت في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وصلت إلى ذروتها في الأيام الماضية، مع رفض الكتل السياسية الممثلة للحشد الشعبي النتائج الأولية التي بيّنت تراجع عدد مقاعدها.
الكاظمي "لم يُصَب بأذى"
وفي بيان أصدرته، أوضحت قيادة العمليات المشتركة أنّ رئيس الوزراء العراقي تعرّض فجر الأحد لـ"محاولة اغتيال فاشلة" بواسطة "طائرة مسيّرة مفخّخة" استهدفت مكان إقامته في المنطقة الخضراء المحصنة في بغداد.
وأكدت أنّه "لم يصب بأذى وهو بصحة جيّدة". لكنّها لم تتطرّق في بيانها للمزيد من التفاصيل حول الحادث وملابساته.
وقالت مصادر أمنية لرويترز: إن ستة من أفراد قوة الحراسة الشخصية للكاظمي المتمركزة خارج منزله أصيبوا.
وقال دبلوماسيون غربيون موجودون في المنطقة الخضراء: إنهم سمعوا دوي انفجارات وإطلاق رصاص في المنطقة.
وعقب الهجوم، نشر مكتب رئيس الوزراء مقطع فيديو للكاظمي قال فيه: "تعرّض منزلي لعدوان جبان.. أنا ومن يعمل معي بخير"، مضيفًا أنّ "الصواريخ الجبانة والطائرات المسيّرة الجبانة لا تبني أوطانًا".
— Mustafa Al-Kadhimi مصطفى الكاظمي (@MAKadhimi) November 7, 2021
وقال الكاظمي في تغريدة على تويتر "أنا بخير والحمد لله وسط شعبي، وأدعو إلى التهدئة وضبط النفس من الجميع، من أجل العراق".
وأضاف أنّ "صواريخ الغدر لن تثبط عزيمة المؤمنين، ولن تهتزّ شعرة في ثبات وإصرار قواتنا الأمنية البطلة على حفظ أمن الناس وإحقاق الحق ووضع القانون في نصابه".
كنت ومازلت مشروع فداء للعراق وشعب العراق، صواريخ الغدر لن تثبط عزيمة المؤمنين، ولن تهتز شعرة في ثبات وإصرار قواتنا الأمنية البطلة على حفظ أمن الناس وإحقاق الحق ووضع القانون في نصابه. أنا بخير والحمد لله، وسط شعبي، وأدعو إلى التهدئة وضبط النفس من الجميع، من أجل العراق.
— Mustafa Al-Kadhimi مصطفى الكاظمي (@MAKadhimi) November 7, 2021
وتولّى الكاظمي السلطة بعد استقالة حكومة سلفه عادل عبد المهدي على وقع احتجاجات شعبية اندلعت في أكتوبر 2019 وتعرّضت لقمع دامٍ راح ضحيته أكثر من 600 شخص وأصيب فيه أكثر من 30 ألفًا بجروح.
وتلت ذلك حملة اغتيالات ومحاولات اغتيال وخطف للعشرات من الناشطين، اتّهم متظاهرون فصائل موالية لإيران بالمسؤولية عنها.
"الوضع تحت السيطرة"
في الأثناء، أكّد مصدر أمني لوكالة فرانس برس وجود "انتشار أمني داخل المنطقة الخضراء" المحصّنة حيث مقرّ إقامة الكاظمي و"خارجها"، فيما أفاد مصدر أمني آخر بأن "لا محاولات لاقتحام المنطقة الخضراء" وأنّ "الوضع تحت السيطرة".
وقالت خلية الإعلام الأمني في بيان: "القوات الأمنية تقوم بالإجراءات اللازمة بصدد هذه المحاولة الفاشلة" لاغتيال رئيس الوزراء.
ويشهد محيط المنطقة الخضراء التي تضمّ أيضًا سفارة الولايات المتحدة، تظاهرات واعتصامات، منذ أسبوعين، لمناصرين لفصائل موالية لإيران رافضين لنتائج الانتخابات النيابية، تطورت الجمعة إلى مواجهات مع القوات الأمنية راح ضحيتها متظاهر على الأقلّ.
وتتعرّض هذه المنطقة المحصّنة في وسط العاصمة العراقية أحيانًا لقصف بصواريخ، في هجمات لا يتبنّاها أيّ طرف، لكن غالبًا ما تتّهم واشنطن فصائل موالية لإيران بالمسؤولية عنها.
الولايات المتحدة تدين "العمل الإرهابي"
وسارعت الولايات المتّحدة إلى إدانة ما وصفته بـ"العمل الإرهابي الواضح" وعرضت على السلطات العراقية المساعدة في التحقيق.
وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس في بيان: "لقد شعرنا بارتياح عندما علمنا أنّ رئيس الوزراء لم يصب بأذى. هذا العمل الإرهابي الواضح، الذي ندينه بشدّة، استهدف صميم الدولة العراقية".
وأضاف: "نحن على اتصال وثيق بقوات الأمن العراقية المولجة الحفاظ على سيادة العراق واستقلاله ولقد عرضنا المساعدة في التحقيق في هذا الهجوم".
توتر سياسي في ذروته
وترافق هذا التطور "النوعي" مع توتر سياسي شديد يشهده العراق، حيث تجدّدت التظاهرات السبت أمام إحدى بوابات المنطقة الخضراء غداة المواجهات التي سقط ضحيتها شخص على الأقلّ، وفق مصدر أمني، وأصيب 125 آخرين بجروح بحسب وزارة الصحة.
وكان زعيم عصائب أهل الحق، أحد فصائل الحشد الشعبي الموالية لإيران الأكثر نفوذًا، حذّر في تغريدة الجمعة "من محاولات أطراف مرتبطة بجهات مخابراتية تخطط لقصف المنطقة الخضراء وإلقاء التهمة على فصائل المقاومة"، على حدّ قوله.
وفي بلد تتجاذب على النفوذ فيه طهران والولايات المتحدة، أفرزت الانتخابات برلمانًا مشرذمًا ما يفتح الأبواب أمام سيناريوهات عدة.
وبينما لم تصدر النتائج النهائية بعد حيث لا تزال المفوضية العليا للانتخابات بصدد دراسة الطعون في المراحل الأخيرة، تشير النتائج الأولية إلى حصول التيار الصدري بزعامة رجل الدين مقتدى الصدر، على أكثر من 70 مقعدًا وفق النتائج الأولية، وبذلك ستكون له مجدّدًا الكتلة الأكبر في البرلمان، ولكنه لا يملك الغالبية فيه.