السبت 5 أكتوبر / October 2024

بعد المصالحة الخليجية.. هل حان موعد "تطوير" عمل مجلس التعاون؟

بعد المصالحة الخليجية.. هل حان موعد "تطوير" عمل مجلس التعاون؟

شارك القصة

يواجه مجلس التعاون الخليجي تحديات جوهرية، من بينها الانتقال إلى مرحلة الاتحاد الذي لم يتحقق بعد، وهو ما لا يكتمل إلا بالوصول إلى وحدة اقتصادية كاملة.

في قمّة العُلا في المملكة العربية السعودية، بداية هذا العام، وُقّع اتفاق المصالحة الخليجية بعد أزمة طال أمدها لأكثر من ثلاث سنوات. ومع أنها لم تكن أولى الأزمات التي عصفت بمجلس التعاون الخليجي، لكنّها كانت الأسوأ في تاريخه.

ومع طيّ الخلاف الذي اعتبرته التصريحات الرسمية عودة للوضع الطبيعي، تواترت دعوات لتطوير عمل مجلس التعاون الخليجي الذي تأسّس منذ أربعين عامًا، بهدف "تحقيق التعاون والتكامل وصولًا إلى الوحدة"، كما تنصّ أدبيّاته.

لكن، رغم كل إنجازاته ومحاولاته في التقارب المشترك، فإن تاريخه لم يَخلُ من توترات في العلاقات بين أعضائه، تحوّل بعضها إلى أزمات، لعل أكثرها حدّة أزمة 2017 بين المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات من جهة، وقطر من جهة أخرى.

مجلس التعاون يواجه تحديات جوهرية

ويواجه المجلس تحديات جوهرية، من بينها الانتقال إلى مرحلة الاتحاد الذي لم يتحقق بعد، وهو ما لا يكتمل إلا بالوصول إلى وحدة اقتصادية كاملة ومواطنة خليجية من خلال سوق مشتركة ووحدة نقدية، ومن ثم مشروع المنطقة بوصفها مركزًا اقتصاديًا عالميًا.

وممّا يلفت الانتباه أنّ وجهات نظر الدول الأعضاء متباينة بشأن ملفات خليجية متشابكة، في غياب معالم سياسة خليجية موحّدة، وفي مقدّمتها العلاقة مع طهران واختلاف الرؤى في تحديد ملامحها، لا سيما وأنّ إيران مرتبطة بقضايا ساخنة في المنطقة العربية في كل من اليمن والعراق ولبنان وسوريا.

وتحتاج المسافة الفاصلة للوصول إلى اتحاد خليجي إلى بناء ثقة تحتكم إليها الدول الأعضاء وتُحترَم من خلالها سيادة الدول. ولعلّ الخطوات التي تلت قمّة العُلا، ومن بينها المحادثات بين قطر والإمارات في الكويت، قد تدفع دول الخليج لسلوك نهجٍ جديد في بناء العلاقات بينها، وتحقيق تطلعات شعوب المنطقة.

مجلس التعاون الخليجي في حالة "جمود"؟

ويرى الأكاديمي والباحث في شؤون الخليج والشرق الأوسط عبد الله باعبود أنّ مجلس التعاون، مثله مثل أي منظومة إقليمية في العالم، يمرّ بعدّة مراحل، فهو انطلق بسرعة وتجمّد في بعض الحالات ثمّ أعاد الانطلاق من جديد، مشيرًا إلى أنّه بدأ يتجمّد منذ فترة، وهو ما أقرّ به ملك السعودية الراحل عبد الله في العام 2011 عندما دعا لصياغة "مفهوم جديد".

ويشير باعبود، في حديث إلى "العربي"، إلى أن خطاب الملك الراحل عبد الله شكّل بهذا المعنى، "اعترافًا بوجود حاجة لتطوير المجلس"، لافتًا إلى أنّ الأزمة الخليجية الأخيرة جاءت لتلقي بظلالها أيضًا على المجلس، ولتثبت أنّ هناك آليات عديدة يحتاج المجلس لتطويرها.

ويتحدّث باعبود عن "استعجال" حصل في عملية الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، من دون أن يكون هناك توافق على الآليات؛ إذْ كانت العملية "ضبابية"، وهو ما أدّى إلى تراجع المجلس في بعض الأمور.

ويضيف: "لا ننكر أن هناك إنجازات ومكتسبات عديدة للمجلس لكن آمال الشعوب أكبر من ذلك بكثير".

جلسة مصارحة تلي قمة العُلا الخليجية

أما الباحث الإعلامي ورئيس مركز "أوان" للاستشارات والدراسات الإعلامية خالد دراج، فيعرب عن اعتقاده بوجود حاجة لجلسة مصارحة أخرى تلي قمة العلا التي عقدت مطلع العام الجاري.

ويلفت دراج، في حديث إلى "العربي"، إلى أنّ القمة الخليجية الأخيرة تمكّنت من إرساء لغة المصالحة، ومسح كل رواسب الماضي وتحديدًا أزمة 2017 بين دول المجلس من جانب وقطر من جانب آخر، وبالتالي أصبح المناخ الآن أكثر جهوزية لخطوة قادمة.

وفيما يتحدث عن بعض الإصلاحات "التي نلمسها" بشكل بسيط على خط العلاقات الخليجية القطرية، وتحديدًا من الدول ذات الصلة، يعتبر "أننا نحتاج لجلسة مصارحة أخرى تتجاوز الماضي للالتفات إلى الملفات المهمة جدًا".

ويوضح أنّ المواطن الخليجي سابقًا كان له هاجس وحيد تقريبًا بما يتعلق بالهم الاقتصادي والمعيشي الذي ينعكس على الحياة اليومية، في حين توسّعت دائرة القلق لدى المواطن الخليجي اليوم، لتشمل الهاجسين السياسي والأمني. ويخلص إلى "أننا نحتاج إلى ردم كامل لما شكّلته الأزمة الأخيرة".

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close