في الوقت الذي أعلنت فيه حركة المقاومة الإسلامية "حماس" ترحيبها بتبني مجلس الأمن الدولي مشروع قرار أميركي يتضمن مقترحًا لوقف إطلاق النار في غزة، لم تبدِ إسرائيل أيّ ردود فعل بشأنه، وسط تساؤلات عن نجاح مبادرات واشنطن في المنطقة.
وصرّح رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل، بلال الشوبكي، أن حركة "حماس" يمكن أن تبدي تحفظات على قرار مجلس الأمن الأخير، في حال عدم توفر ضمانات لالتزام إسرائيل بما جاء في نص مقترح الاتفاق.
وتابع الشوبكي أن لعب واشنطن دور الباحث عن مصلحة الفلسطينيين ليس أمرًا يجب القبول به بشكل مسلم، خاصة أنها شريكة ومتواطئة مع إسرائيل في هذه الحرب المستمرة على القطاع منذ تسعة أشهر.
ويأتي ذلك، عقب تبنّي مجلس الأمن الدولي أمس الإثنين، مقترح الرئيس الأميركي جو بايدن لوقف إطلاق النار في غزة، بأغلبية 14 صوتًا فيما امتنعت روسيا عن التصويت.
غياب الضغط على إسرائيل
في التفاصيل، تحدث الشوبكي في حديث مع "العربي" عن أن القرار الأميركي الذي مرر عبر مجلس الأمن يفترض أنه ملزم، لكنه يمكن قياسه بناءً على تجارب سابقة صدرت فيها الكثير من القرارات التي تخص القضية الفلسطينية لكنها لم تُنفذ.
وبالتالي، يرى رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل أنه ما لم تكن هناك إرادة حقيقية من قبل القوى الدولية، بما فيها الولايات المتحدة الأميركية، لفرض مثل هذا القرار على إسرائيل تحديدًا، فلن يكون هناك تغييرات على أرض الواقع.
فبحسب الباحث، لا توجد مؤشرات حتى الآن تقول إن أميركا ومعها بعض القوى معنية فعلًا بأن تضغط على الاحتلال الإسرائيلي، فيما يتعلق بمقترح بايدن ووقف الحرب على غزة.
والدليل على ذلك هو أن الخطاب الأميركي، سواء من مندوبة واشنطن في مجلس الأمن أو من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، فيما يتعلق بضرورة الموافقة لم يتطرق إلى موافقة الطرفين وإنما ركز على موافقة حركة "حماس"، وفق الشوبكي.
في هذا الصدد، يؤكد الباحث من الخليل أن الحركة أبدت مرونة في الآونة الأخيرة وأعطت إجابات إيجابية على مقترح بايدن.
وكانت "حماس" قد أعلنت مساء أمس استعدادها للتعاون مع الوسطاء للدخول في مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل، حول تطبيق المبادئ التي نص عليها قرار مجلس الأمن، وأهمها "وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب كامل من القطاع وعودة النازحين ورفض أي تغيير ديمغرافي".
قرار يخدم مصلحة الاحتلال
من جهة ثانية، يتطرق الشوبكي إلى أن الموقف الإسرائيلي من القرار الأخير واضح وصريح رغم التزام تل أبيب الصمت حتى الساعة، فهذا القرار يتضمن نصًا بشأن حل الدولتين بالتوازي مع شبه إجماع إسرائيلي على حل الدولتين.
ويردّف الباحث قائلًا: "إذًا كيف يعقل أن يطلب من الطرف الفلسطيني الموافقة على أمر معلن مسبقًا من كل القيادات الإسرائيلية سواء داخل الحكومة أو خارجها، ضد حل الدولتين... هذا القرار لا يخص فقط ما يجري ميدانيًا وصفقة تبادل الأسرى، بل فيه رؤية سياسية مرفوضة إسرائيليًا".
كما يلفت الشوبكي إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائهما معنيين بتنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق، وكل ما هو قبلها أو بعدها "هو مجرد ديكور لتقديمه للرأي العام وللفلسطينيين".
فالمطلوب الآن أن تتم الموافقة والمضي قدمًا لتنفيذ المرحلة الأولى، فيما يضمن النص ضمنيًا أن يكون نتنياهو قادرًا على إبقاء القوات العسكرية داخل قطاع غزة لفترة طويلة تحت حجة أن المفاوضات ما زالت قائمة، على حد تحليل الشوبكي.