بعد شهر على الانقلاب.. هل نجح المجلس العسكري في النيجر بترسيخ سلطته؟
تزامنًا مع مرور شهر على انقلاب النيجر، رفع المجلس العسكري الحاكم حالة تأهب الجيش إلى درجة الاستنفار القصوى.
هذا الاستنفار الأمني في العاصمة نيامي يأتي وسط تعزيزات مشددة بمحيط السفارة والقاعدة العسكرية الفرنسية مع قرب انتهاء المهلة الممنوحة للسفير الفرنسي لمغادرة النيجر.
وتشير الأخبار القادمة من نيامي أن الأوضاع ستبقى على حالها فترة من الزمن، أي أن النيجر ستبقى تحت سيطرة المجلس العسكري الذي يرفض جميع المطالبات الدولية بإنهاء حالة الانقلاب وإعادة الرئيس محمد بازوم إلى موقعه، بل إنه يرسخ وجوده كل يوم عبر أساليب عدة.
ترسيخ وجود
ورفع المجلس حالة التأهب في الجيش إلى درجة الاستنفار القصوى، وتحالف مع مالي وبوركينا فاسو لمواجهة أي تدخل عسكري خارجي، وتبع ذلك إجراء تغييرات هرمية في مناصب الدولة والدعوة إلى حوار وطني يهدف إلى وضع أسس المرحلة الانتقالية.
وكل هذه مؤشرات تؤكد على ترسيخ المجلس العسكري الحاكم وجوده لكي يصبح أمرًا واقعًا أسوة ببقية الانقلابات في إفريقيا، والتي حدثت خلال الأشهر والسنوات الماضية.
بالمقابل، تُراوح الوساطات الإقليمية والدولية مكانها وتبدو غير قادرة على السير خطوة واحدة إلى الأمام على طريق حل الأزمة السياسية في النيجر.
وهذا بدا واضحًا من فشل سياسة الترهيب التي لوحت بها الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" مع تراجعها مرات عدة عن خيار التدخل العسكري الذي هددت به.
والدول الكبرى المناهضة للانقلاب هي الأخرى لا أجندة واضحة لديها في التعامل مع الانقلابيين، بينما تبقى فرنسا الخاسر الأكبر من الأحداث بعد مطالبة الحكام الجدد بسحب سفيرها وقواتها، بل وإلغاء اتفاقيات كانت مبرمة معها.
دعم شعبي للانقلابيين
وفي هذا السياق، قال الأكاديمي والباحث السياسي علي أبو بكر أمادو: إن "الشعب يقف خلف المجلس العسكري، كونه سئم من التواجد الفرنسي في البلاد".
وأضاف أمادو في حديث لـ"العربي" من نيامي، أن "اتحاد النيجر وبوركينا فاسو ومالي، يصعّب على إيكواس شن حرب خاصة في ظل ضبط الحدود مع الدول المحيطة، إلا إذا كان التدخل سيبدأ من بعيد".
واستدرك قائلًا: "أمام ذلك لم يبق سوى الحوار وتقديم التنازلات من الطرفين حتى يجري تصحيح الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في نيامي".
وبيّن أمادو أن "قادة الانقلاب نجحوا في ترسيخ وجودهم في النيجر حتى مع عدم استقالة بازوم، وسط تشجيع الشعب لهم".
أخطاء فرنسية
من جانبها، اعتبرت مديرة معهد إيفيريس للدراسات الدولية والإستراتيجية ليزلي فارين أن المستوى الرسمي الفرنسي لم يتحدث حتى الآن حول وضع السفير في نيامي.
وأضافت فارين في حديث لـ"العربي" من باريس، أنه "لا يوجد حل مرتقب مع انقلابيي النيجر في هذا الوقت، وأتوقع أن يقوموا بكل الخطوات لكي يحققوا أهدافهم".
وألمحت فارين إلى أن "سيناريو التدخل الفرنسي من الصعب تحقيقه، وخاصة أنه منذ شهر جرى إطلاق التهديد بالتدخل العسكري في النيجر وتمت دراسة كل الإمكانات الموجودة".
وأشارت فارين إلى أن "هناك رفضًا للسياسة الفرنسية وسط مطالبات بالسيادة، وبالتالي لا يمكن القول إن الدبلوماسية تعاطت بشكل ناجح مع انقلاب النيجر، ولم تأخذ بعين الاعتبار النظرة الشعبية تجاه باريس".
عملية عسكرية محدودة
بدوره رأى الصحافي والكاتب المختص في الشؤون الإفريقية إسماعيل ولد الشيخ سيديا أن مجموعة إيكواس ليس لديها الكثير من الخيارات لوقف سيل الانقلابات الجارفة في منطقة الساحل.
وأضاف الشيخ سيديا في حديث لـ"العربي" من نواكشوط، أنه قد يكون هناك عمل عسكري خاطف على شكل إنزال ربما بدعم فرنسي - أميركي، وقد يترافق ذلك مع زحف عسكري من غانا ونيجيريا".
ونوه الشيخ سيديا، إلى "أن الحل الدبلوماسي في النيجر يواجه صعوبات، وخاصة أن المبادرة الجزائرية تدور حول استقالة بازوم، وأن يتسلّم العسكريون فترة انتقالية دستورية".
وختم بالقول: "الخطر كبير على المنطقة كلها في حال خوض مغامرة عسكرية في النيجر، وتحديدًا إذا ما قررت مالي وبوركينا فاسو دعم نيامي، حينها ستكون إيكواس أمام مشكلة كبيرة".