تلوح مؤشرات تسوية بين أنقرة والنظام السوري في الأفق، بحسب تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي أوضح أنه لا يستبعد الحوار والدبلوماسية مع سوريا، في حين اتهم الولايات المتحدة وحلفاءها بتغذية الإرهاب في المنطقة.
وجاءت تصريحات أردوغان، تزامنًا مع قصف صاروخي مشترك من قبل قوات النظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" استهدف سوقًا شعبيًا وعدة أحياء ضمن مدينة الباب بريف حلب الشمالي الشرقي، الواقعة تحت سيطرة قوات المعارضة السورية، فيما تجاوز عدد القتلى والجرحى 50 شخصًا، وفق مصدر طبي.
هل تمهد مجزرة الباب لحوار سياسي؟
وفي هذا الإطار، أوضح الكاتب والمحلل السياسي عمر كوش أن النظام السوري عادة ما يستبق الأمور ويرسل رسائل تصعيد ميداني مع أي استحقاق أو حراك سياسي، مشيرًا إلى أن هذا ما حصل في جولات التفاوض سواء في جنيف أو أستانا، من خلال استهداف المدنيين وارتكاب المجازر.
وفي حديث إلى "العربي" من مدينة إسطنبول التركية، يرى كوش أن مجزرة الباب تأتي وكأنها ملاقاة للتصريحات التركية التي تمهد لحوار سياسي مع النظام في دمشق، لكنه اعتبر أن الأخير لا يعرف لغة الحوار السياسي.
كوش الذي لفت إلى أن الحل الوحيد بالنسبة إلى النظام السوري هو الحل العسكري. قال: إن "النظام ماطل في كل جولات الحوار التي كانت ترعاها الأمم المتحدة أو الدول الضامنة الثلاث، روسيا وتركيا وإيران".
وحول تداعيات مجزرة الباب، قال كوش: إن "تركيا ستعيد مراجعة مواقفها السياسية سواء على المستوى الإنساني والدولي أو حتى الإقليمي، في ظل وجود خطوات عديدة نحو التطبيع مع دول مثل السعودية ومصر وحتى إسرائيل.
وأضاف أن الضامن لأي حوار سياسي بين النظام السوري وأنقرة هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لأن أردوغان كان قد صرح بأن بوتين هو الذي يدفعه إلى الحوار مع دمشق وخاصة فيما يسميه محاربة الإرهابيين.
هل تم تأجيل العملية التركية في سوريا؟
وردًا على سؤال حول تبدل الموقف التركي تجاه النظام السوري، يرى كوش أن القمة الثلاثية الأخيرة التي عقدت في طهران بين تركيا وروسيا وإيران، دفعت باتجاه الحوار على مستوى الوساطة التي رعتها إيران ما بين النظام السوري وتركيا، مشيرًا إلى أن بوتين يرغب أيضًا في أن يكون الحل سياسيًا مع النظام السوري بدل من العملية العسكرية في الشمال السوري.
وأردف أن العملية العسكرية في الشمال السوري التي كانت تهدد بها تركيا قد استبعدت أو أجلت، لإفساح المجال أمام الخطوات السياسية، موضحًا أن أنقرة تريد اختبار المسار السياسي ما إذا كان سيؤمن لها أهدافها، وهي تريد أن تقدم للداخل التركي خصوصًا وأنها مقبلة على انتخابات في منتصف العام المقبل.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جدد تهديداته بتنفيذ عملية عسكرية في شمال سوريا مطلع يونيو/ حزيران الماضي، قائلًا إنّها تستهدف من تصفهم أنقرة بـ"الإرهابيين".
وكشف أردوغان أنّ بلاده بصدد الانتقال إلى مرحلة جديدة في قرارها المتعلق بإنشاء منطقة آمنة بعمق 32 كيلومترًا شمالي سوريا، وتطهير منطقتي تل رفعت ومنبج من "الإرهابيين"، بحسب وصفه.
بحسب أنقرة، فإنّ الهدف الأساسي من العملية هو حماية أمنها القومي في ظلّ انتشار المجموعات الكردية، وتحديدًا قوات سوريا الديمقراطية، وإعادة مليون لاجئ سوري إلى بلادهم بشكل طوعي.