نجحت الوساطة المصرية القطرية الأممية في وقف إطلاق النار بشكل كامل في قطاع غزة، بعد ثلاثة أيام من عدوان إسرائيلي راح ضحيته 46 شخصًا بينهم 15 طفلًا.
وتضمن نص اتفاق وقت إطلاق النار بين إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي التزامًا مصريًا بالعمل على الإفراج عن الأسير خليل عواودة ونقله للعلاج، والإفراج عن الأسير بسام السعدي في أقرب وقت ممكن.
كذلك نص الاتفاق على ضمان تدفق الوقود والإمدادات الإنسانية إلى غزة.
وأوضح الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة أن جوهر الاتفاق هو إطلاق سراح الأسيرين السعدي وعواودة، وأكد من طهران أن إسرائيل لم تستطع أن تفرض شرطًا واحدًا من شروطها.
من جهته، نفى وزير العدل الإسرائيلي جدعون ساعر أن يكون هناك التزام إسرائيلي بالإفراج عن الأسير السعدي، وأوضح أن هناك تعهدًا مصريًا وليس التزامًا إسرائيليًا.
ورغم أن سرايا القدس أعلنت أن عدد شهدائها من جراء القصف الإسرائيلي بلغ 12 قياديًا وعضوًا إلّا أنها أكدت فشل إسرائيل في تصفية الجناح العسكري لحركة الجهاد.
كما أكدت في بيان أن المعركة الأخيرة جاءت للحفاظ على منجزات "سيف القدس" بوحدة الجبهات وعدم السماح بالاستفراد بجزء من كل فلسطين.
مناورة إسرائيلية
في هذا السياق، أشار عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية أيمن سلامة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يدخل التزام إسرائيل بملف أسرى في اتفاقات وقف إطلاق نار أو وقف تصعيد.
وقال في حديث إلى "العربي" من القاهرة: "إن تحميل وزير العدل الإسرائيلي المسؤولية لمصر هي مناورة".
ولفت إلى أن الجانب الإسرائيلي خدع الجانب المصري قبل ساعة واحدة من العدوان الأخير على غزة يوم الجمعة الفائت، حيث تعهدت إسرائيل بمنع التصعيد لكنها أخلت بذلك.
وقال سلامة: "إن لم يتحمل الجانب الإسرائيلي تعهداته والتزاماته والإفراج عن القياديين المعتقلين، فهذا يعد حرثا بالماء وبناء قصور على الرمال"، محذرًا من مغبة عودة دوامة العنف من جديد.
هدنة هشة
من جهته، أكد الباحث السياسي في مركز فلسطين للدراسات والأبحاث حسن عبدو أن الالتزام المصري جاء بعد مشاورات مع الجانب الإسرائيلي. واعتبر أن عدم التزام إسرائيل يمكن أن يدفع بتجدد القتال، مستشهدًا بتصريحات الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي.
وقال عبدو في حديث إلى "العربي" من غزة: "نحن أمام هدنة هشة وحركة الجهاد على استعداد لكافة الاحتمالات".
واعتبر أن الحديث الإسرائيلي عن التنصل من التزاماته يجعل الهدنة هشة ويفتح احتمالات التصعيد. لكنه رجح أن تكون هذه التصريحات لدر الرماد في العيون وللاستهلاك الداخلي، حيث تحاول القيادات السياسية أن تظهر جمودًا أمام الجمهور الإسرائيلي لتكسب أصواتًا في الاستحقاق الانتخابي.
ولفت إلى وجود مهلة زمنية مفتوحة تصل إلى أسبوعين فيما يتعلق بالأسير السعدي، لكن الأسير عواودة يجب أن ينقل إلى المستشفى لتلقي العلاج وبعدها يخرج إلى منزله.
دعاية انتخابية
وقد أكد محرر الشؤون الإسرائيلية في صحيفة العربي الجديد نضال وتد أن الموقف الإسرائيلي فيه جزء من الدعاية الانتخابية.
وأشار في حديث إلى "العربي" من أم الفحم، إلى أن الإفراج عن الأسير المضرب عن الطعام خليل العواودة قد يتم بسبب ظروفه الصحية وهو ما لم يعد تراجعًا عن الالتزام الإسرائيلي.
ولفت إلى التصريحات التي خرجت من مصادر إسرائيلية لم يكشف عنها تتعلق بتفاهمات مع حركة فتح بشأن صفقة أسرى قادمة.
وقال وتد: "إن الإفراج عن الأسير السعدي قد يتم ضمن صفقة تبادل أسرى قادمة مع حماس". وأشار إلى أن المرونة في المهلة هي أمر متعلق بالمشاورات بين حماس وإسرائيل والوسيط المصري.
واستبعد الإفراج عن السعدي في خضم معركة انتخابية إسرائيلية، مشيرًا إلى أن الإفراج عن العواودة سيمهد الطريق أمام تمديد المهلة الزمنية للإفراج عن السعدي.