بعضهم ينام في العراء.. القصف الإسرائيلي يضاعف أعداد النازحين من بعلبك
مع تواصل العدوان الإسرائيلي على لبنان، تتزايد أعداد النازحين الفارين من الضربات الإسرائيلية على شرق البلاد.
وقال حسن نون، الذي نصب خيمة في باحة كنيسة في بلدة دير الأحمر، بعد نزوحه من منطقة بعلبك إثر تكثيف الجيش الإسرائيلي غاراته عليها: "نحن بحاجة إلى مأوى، قريبًا ستسقط الثلوج والأمطار، من سيؤوي هؤلاء الأطفال؟"، يسأل الرجل الأربعيني، وهو أب لخمسة أطفال.
أوضاع صعبة
وتُعدّ بعلبك من كبرى مدن البقاع. وبعدما بقيت على مدى نحو عام بمنأى عن التصعيد، استهدفتها ومحيطها غارات إسرائيلية خلال الأسابيع القليلة الماضية. وغادر المدينة أكثر من نصف سكانها البالغ عددهم 250 ألفًا.
ويطال القصف شبه اليومي بعلبك منذ شهر. وقد تعرّضت أطرافها وقرى عديدة مجاورة لها لغارات إسرائيلية عنيفة مساء الإثنين الماضي ما أدى إلى استشهاد 60 شخصًا على الأقل، وفق وزارة الصحة اللبنانية.
وأمس الجمعة، أسفرت الغارات على عدّة قرى في محافظة بعلبك الهرمل عن استشهاد 52 شخصًا.
وتفيد إحصاءات أجرتها المنظمة الدولية للهجرة، بنزوح أكثر من 78 ألف شخص من منازلهم ضمن منطقة بعلبك.
ونون من بين نحو 30 ألف نازح لجأوا إلى دير الأحمر ومحيطها، باعتبار أنّها واحدة من البلدات في البقاع التي لم يطلها القصف الإسرائيلي.
ويضيف حسن نون: "ها نحن أمام الكنائس وأمام المدارس وداخلها، ولكنها لم تعد قادرة على استقبال" المزيد.
ومنذ 23 سبتمبر/ أيلول، أسفرت الغارات الإسرائيلية على لبنان عن استشهاد أكثر من 1900 شخص، وفقًا لتعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات وزارة الصحة اللبنانية.
وفي ظل برد الشتاء، تقول فاطمة (17 عامًا) التي فرّت من قرية شعث "بسبب عمليات القصف": "لا تدفئة، وليس معنا إلا ثياب للصيف".
وتضيف الشابة: "ضاع العام الدراسي، لا يمكننا أن ندرس بسبب الحرب".
وفي مدرسة بلدة بشوات التي تحوّلت إلى مركز إيواء قرب دير الأحمر، صنعت عائلتها "خيمة" من مكاتب تمّ ضمّ بعضها إلى بعض وتغطيتها ببطانيات لتوفير شيء من الخصوصية.
من جانبها، تعرب رندة أمهز عن شكرها للمدرسة التي فتحت أبوابها للنازحين وللبلدية التي تساعدهم، غير أنّها تشير إلى أنّ "الأطفال بحاجة إلى ملابس دافئة، وكبار السن بحاجة إلى أدوية".
نوم في الساحات العامة
وقبل موجة النزوح الأخيرة التي سجلت قبل يومين، استقبلت بلدة دير الأحمر والقرى المحيطة بها 12 ألف شخص، استقرّ معظمهم "في منازل ومبانٍ ملحقة بالكنائس، وبعضهم لا يزال على الطرق"، وفقًا لربيع سعادة العضو في لجنة طوارئ محلية.
ومع اشتداد الغارات على بعلبك هذا الأسبوع، "دخل أكثر من عشرين ألف شخص (المنطقة)، معظمهم ينامون في الساحات" العامّة في دير الأحمر.
ويطالب سعادة الدولة بتأمين المساعدات الضرورية "كي تتمكن (اللجان المعنية) من الاستمرار، لأنّ من غير المعروف متى ستنتهي الأزمة".
وفي باحة المدرسة، يمكن رؤية نساء يحاولن الاستفادة من ضوء وحرارة الشمس، بينما يلهو أطفال حولهن.
وفي الممرات، تتردد صرخات صغار وتتدلّى ملابس من نوافذ صفوف لتجفّ، أو حتى على مقاعد دراسية قديمة وُضعت في الفناء.
وتقول امرأة فضّلت عدم الكشف عن هويتها لوكالة فرانس برس وتظهر بجانبها والدتها العجوز: "غادرنا منازلنا، لا نعرف إلى أين نذهب، لا نعرف ماذا نفعل".