شهدت إسبانيا ارتفاعًا كبيرًا في درجات الحرارة الصيف الفائت، والتي أدت إلى حرائق وجفاف لم يسبق لها مثيل منذ عقود طويلة.
فلم يقتصر رصد درجات الحرارة التاريخية على النهار فحسب، فالليالي الحارقة الاستوائية مصطلح يطلقه علماء المناخ على الليالي التي تصل فيها درجات الحرارة ليلاً إلى 25 درجة مئوية.
لكن مناطق عديدة في إسبانيا تجاوزت درجات الحرارة فيها 30 ليلًا، ما دفع علماء المناخ لتسميتها بالليالي الجهنمية.
ويقول منسق حملة تغيير المناخ بمنطقة السلام الأخضر بيدرو ميراس: "كان الصيف طويلًا وموجات الحر شديدة لدرجة أنها منعت الناس من النوم ليلًا ما تسبب في وفاة الآلاف مقارنة بالسنوات الماضية".
وأدى ارتفاع درجات الحرارة لأسوأ حرائق في القرن الحالي في إسبانيا، حيث التهمت النيران 300 ألف هكتار من الأراضي والغابات، يضاف إلى ذلك حالة جفاف كبيرة أدت إلى انخفاض سدود المياه لمستويات غير مسبوقة خلال السنوات الثلاثين الماضية.
هي آثار طبيعية للتغير المناخي العالمي، كما يقول نشطاء البيئة. وتوضح الموظفة بالصندوق العالمي للطبيعة راكيل غارسيا أن المشكلة الرئيسية في تغير المناخ هي في أن العالم يرى موجات حرارية أكثر من المعتاد، ومن ثم زيادة في الساعة الحارة وزيادة في عدد أيام موجة الحر التي تزيد عن 40 درجة مئوية.
فتقييد حركة السيارات في المدن الإسبانية قانون جديد يجب على البلديات تطبيقه من خلال منع بعض المركبات ذات الانبعاثات الكربونية المرتفعة من دخول مناطق محددة.
فلم يكن فصل الصيف في إسبانيا الأشد حرارة فحسب كما يقول علماء المناخ، بل كان الأطول على الإطلاق، حيث تجاوز الـ6 أشهر، إذ يحذر العلماء كذلك من أن سنوات قادمة ستشهد مزيدًا من ارتفاع درجات الحرارة.
"التغير المناخي"
في هذا الإطار، أوضح الباحث المختص في المناخ والبيئة جمال الموسى، أن عام 2022 يعتبر تقريبًا عام الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، حيث شهدت أوروبا وغربها هذا العام موجات حر قياسية، وصلت في بريطانيا وفرنسا وإسبانيا والبرتغال إلى درجات حرارة قياسية لم تعهدها من قبل، بالإضافة إلى موجة الجفاف الطويلة جدًا التي لم تشهدها أوروبا منذ 500 عام تقريبًا.
وفي حديث لـ"العربي" من العاصمة الأردنية عمان، أرجع الموسى هذه الأمور إلى التغيرات المناخية، وانبعاثات الغازات الدفيئة، وتركيزها في الغلاف الجوي، ما أدى إلى ارتفاع مزيد من درجات الحرارة، ومزيد من الظواهر الجوية المتطرفة، كالموجات الحارة والجفاف.
وأضاف أن هذه التغيرات لها نتائج وخيمة على الاقتصاد وحياة الناس وممتلكاتهم ومستوى المعيشة وسبل العيش والمياه والأمراض.
وبين الموسى أن هذه التغيرات ليست مؤقتة، بل هي بداية، مشيرًا إلى أن كثيرًا من التقارير صدرت عن منظمة الأرصاد الجوية العالمية تفيد بأن الطقس المتطرف وموجات الحر والفيضانات والسيول والأعاصير والأمطار الغزيرة والعواصف الترابية ستصبح نمطًا سائدًا في المستقبل، بسبب المزيد من انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري.
ولفت إلى أن الدول الأوروبية لا تستطيع أن تقف أمام التغير المناخي، لأنه نتيجة تراكمات سنين طويلة منذ بدء الثورة الصناعية، لكنه أشار إلى أن الدول يمكنها التخفيف من آثاره عبر التنبؤ الدقيق والتكيف.