كانت الولايات المتحدة الأميركية من أشد المؤيدين لإنشاء محكمة جنائية خاصة بيوغوسلافيا سابقًا عام 1993، وأخرى خاصة برواندا عام 1994، وقدمت الدعم المالي والسياسي من أجل ذلك، وساعدت في جمع الأدلة لمحاسبة المشاركين في الجرائم التي ارتكبت في البلدين.
وتأسست المحكمة الجنائية الدولية عام 2002، بموجب ميثاق روما الموقع عام 1989، إلا أن الولايات المتحدة امتنعت عن التصديق عليه، بسبب مخاوف من أن تتعرض القوات الأميركية للملاحقة القضائية.
دعمت الولايات المتحدة قرارات المحكمة الجنائية الدولية عندما بدأت محاكمة قادة "جيش الرب" في أوغندا بدءًا من سنة 2004.
وعام 2013، عرضت واشنطن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل معلومات تؤدي إلى القبض على الأوغندي جوزيف كوني المطلوب للجنائية الدولية، بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
تاريخ من العلاقة المتناقضة بين أميركا والجنائية الدولية
كما رحبت الولايات المتحدة بقرار المحكمة الجنائية الدولية في 2009 بإصدار مذكرة اعتقال في حق الرئيس السوداني السابق عمر البشير بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور.
والدعم الأميركي كان حاضرًا أيضًا في محاكمة زعيم المتمردين الكونغوليين بوسكو نتاغاندا أمام المحكمة الجنائية الدولية التي حكمت عليه بالسجن 30 عامًا في 2019، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
بدوره، أيّد الرئيس الأميركي جو بايدن إصدار الجنائية الدولية مذكرة اعتقال في حق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عام 2023 بتهمة ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا.
كما أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب كان قد فرض عقوبات على موظفين في المحكمة الجنائية الدولية، بسبب تحقيقهم في جرائم حرب من المحتمل أن قوات أميركية ارتكبتها في أفغانستان.
مشروع قانون أميركي لمعاقبة الجنائية الدولية
والثلاثاء، أقر مجلس النواب الأميركي مشروع قانون يسمح بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية إذا حققت أو حاكمت أشخاصًا محميين من واشنطن أو حلفائها وذلك بعد طلب المدعي العام للحكمة كريم خان إصدار بطاقة جلب في حق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وقادة آخرين بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.
ومن شأن مشروع "قانون العمل المضاد للمحكمة غير الشرعية" الذي وافق عليه مجلس النواب الأميركي بدعم من كل الجمهوريين تقريبًا ونحو خمس الديمقراطيين، أن يمنع مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية الذين هم على صلة بالقضية من دخول الولايات المتحدة إضافة إلى إلغاء تأشيراتهم، وتقييد أي معاملات عقارية لهم.
ويجب أن يحظى مشروع القانون بموافقة مجلس الشيوخ وتوقيع الرئيس الأميركي جو بايدن حتى يصبح قانونًا.
وفي تصريحات سابقة عن الموضوع، قال بايدن: إن "المحكمة الجنائية الدولية ليس لها اختصاص على إسرائيل وسياسييها".
وتتجاهل إسرائيل طلب كريم خان إصدار مذكرات اعتقال دولية بحق نتنياهو، ووزير الأمن يوآف غالانت، لمسؤوليتهما عن "جرائم حرب" و"جرائم ضد الإنسانية" بغزة.
وتواصل إسرائيل عدوانها على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، رغم أوامر من محكمة العدل الدولية بوقف الهجوم البري على مدينة رفح (جنوب) فورًا، واتخاذ تدابير مؤقتة لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، وتحسين الوضع الإنساني بالقطاع.