تستلهم السينما حكاياها من الواقع وتغرف منه كأي فن آخر. فعندما صدر الجزء الأول من سلسلة الأفلام الشهيرة "لا كاسا دي بابيل"، لم تكن الانتفاضة الشعبية حدثت في لبنان بعد، غير أن أسبابها كانت بدأت تتجمع لناحية تركز الثروة في يد كبار المصرفيين.
فبين الجزء الأول عام 2017 والجزء الأخير عام 2021 مر أربعة أعوام غيّرت كل شيء في لبنان، حيث نزل اللبنانيون إلى الشوارع ليصبح مشهد اقتحام المصارف من بعدها مشهدًا مألوفًا.
وقد ارتدى كثير من الشبان المحتجين قناع "دالي" في محاكاة واضحة لأحداث المسلسل. فعندما اقتحمت سالي حافظ مصرفًا تجاريًا لبنانيًا، أطلق رواد مواقع التواصل الاجتماعي تشبيهات تقارن سالي ببطلتي مسلسل "لا كاسا دي بابيل" طوكيو ونيروبي.
العلاقة بين الأفلام والتغيير الاجتماعي
وقد أجريت أبحاث عدة عن العلاقة بين الأفلام والتغيير الاجتماعي، إحداها كانت دراسة لباحثين من جامعة ييل الأميركية وتبين أن فيلم "ذا داي أفتير تومورو" زاد مستوى وعي المواطنين بشأن تغيّر المناخ.
كما أدّى عرض الفيلم الوثائقي "بلاك فش" إلى إيقاف برنامج تربية الحيتان الزرق في منتجع "سي ووردلد" بعدما تبيّن أن أحد الحيتان الزرق تم ترويضه على ممارسة العنف فقتل المدربة وكائنات بحرية أخرى ليفتح النقاش من بعدها على حقوق الحيوانات.
الواقع يلهم السينما
من جهته، اعتبر الناقد السينمائي والأستاذ الجامعي جورج كعدي أن العلاقة بين السينما والواقع هي علاقة جدلية تبادلية، أي أن الواقع يلهم السينما بالدرجة الأولى حيث تستمد السينما معظم مواضيعها من الواقع إن لم تكن من نوع الخيال العلمي.
وقال في حديث إلى "العربي" من بيروت: "إن السينما قد تمارس نوع من التأثير الذي قد يبالغ البعض بنعته بالتغيير وكأن السينما قادرة على تغيير واقع ما"، مضيفًا: "إن هذا غير صحيح، السينما تمارس التأثير فقط وحصرًا بالفرد يليه فرد آخر". ورأى الكعدي ان السينما عاجزة عن التغيير المجتمعي.
ولفت كعدي إلى غياب الترابط الكبير بين ما حدث في لبنان وأحد الأفلام باستثناء ارتداء القناع.