السبت 29 يونيو / يونيو 2024

تاريخ سراويل "الجينز".. من ملابس عمل للرجال إلى أيقونة عالمية

يرتدي الرجال والنساء وحتى الأطفال سراويل "الجينز" في جميع أنحاء العالم - غيتي
يرتدي الرجال والنساء وحتى الأطفال سراويل "الجينز" في جميع أنحاء العالم - غيتي
تاريخ سراويل "الجينز".. من ملابس عمل للرجال إلى أيقونة عالمية
تاريخ سراويل "الجينز".. من ملابس عمل للرجال إلى أيقونة عالمية
الإثنين 24 يونيو 2024

شارك

"الجينز" أيقونة موضة عالمية يرتديها اليوم الرجال والنساء والأطفال من جميع الأعمار ومن كل أنحاء العالم، لكن قصة هذا السروال تحمل دلالات تاريخية ومثيرة للاهتمام.

فقد بدأت رحلة "الجينز" الطويلة والمعقدة كملابس خاصة بالعمل لشركة أميركية في ستينيات القرن التاسع عشر، قبل أن تصبح من أساسيات الموضة الحالية. 

مهاجر ألماني اخترع "الجينز" الأميركي

ليفي شتراوس  مبتكر سراويل "الجينز" - غيتي
ليفي شتراوس مبتكر سراويل "الجينز" - غيتي

يعود تاريخ ابتكار "الجينز" كما نعلمه اليوم إلى أواخر ستينيات القرن 19، حيث تعاون في ذلك الوقت مهاجر ألماني يُدعى ليفي شتراوس مع خياط يُدعى جاكوب ديفيس على تصميم أول سروال "جينز" عصري بالشكل الذي نعرفه اليوم. 

وحصل هذا التصميم على براءة اختراع عام 1873 تحت الرقم 139121، ويتميز باستخدام المسامير النحاسية لتقوية جيوب السروال وتقاطيعه.

في التفاصيل، هاجر ليفي شتراوس إلى أميركا الشمالية باحثًا عن حياة أفضل ووصل إلى كاليفورنيا خلال فترة "حمى الذهب" في الخمسينيات حيث كانت عمليات البحث عن الذهب بأوجها.

وهناك، لاحظ شتراوس حاجة عمال المناجم إلى سراويل عمل أكثر متانة تتحمل قسوة العمل، فتعاون مع خياط لصنع سراويل عمل قوية من القنب، تُستخدم عادةً في بناء الخيام. 

وفي أواخر ستينيات القرن 19، بدأ شتراوس باستخدام قماش "الدنيم" في صناعة سراويل العمل نفسها، لتأخذ شكل "الجينز الأزرق" المعروفة حاليًا وهي سراويل الجينز المصبوغة بالنيلي.

ووفق موقع "ميهار"، فقد استوحى المهاجر الألماني التصميم الأصلي لـ"الجينز" 501 من البحارة الإيطاليين الذين كانوا يرتدون سراويل واسعة ذات أرجل متوهجة لتلائم الأحذية القوية للعمل.

خامة سراويل "الجينز"

لكن قبل ذلك، كانت هناك سراويل عمل مصنوعة من قماش "الدنيم" القوي، لكنها كانت تفتقد للمسامير النحاسية والجيوب المخيطة التي نراها اليوم.

فقد كان الجينز تقليديًا يُصنَع من قماش "الدنيم"، وهو قماش قطني متين يُنسج بطريقة خاصة وكان يُعرف سابقًا باسم "سيرج دي نيم" نسبة إلى مدينة نيم الفرنسية التي اشتهرت بهذا القماش.

ابتكار الجينز كما نعرفه اليوم

سروال "جينز ليفي" الشهير - "ميهار"
سروال "جينز ليفي" الشهير - "ميهار"

في البداية، صُنعت سراويل العمل من قماش القنب السميك ولكن بعد التحول إلى قماش "الدنيم"، حقّقت نجاحًا كبيرًا. ويتميز الدنيم بأنه قوي وسريع الجفاف، ما يجعله مثاليًا لصناعة الملابس.

ومع أنّ سراويل الجينز الجديدة وجدت قبولًا جيدًا، لكنها لم تكن قادرة على تحمل قسوة العمل الشاق إذ كانت نقاط الضعف في "الجينز" تكمن في زوايا الجيوب وأسفل فتحة الأزرار.

واحتاج عمال المناجم إلى جيوب كبيرة لتسع كميات كبيرة من الذهب، وكانت اللحامات في أسفل جيوبهم تتلف بشكل متكرر، فعالج ليفي هذه المشكلة باستخدام مسامير نحاسية لتقوية نقاط الضعف في الجيوب.

ولاحقًا، تم تقوية الجزء السفلي من فتحة الأزرار باستخدام مسامير، كما تمت إضافة خياطة مقوّاة على شكل قوس مزدوج بخيط برتقالي إلى الجيب الخلفي.

ومنذ ذلك الحين، لم يتغير تصميم الجينز بشكل كبير، وإنما أصبح أكثر نحافة وأفضل ملاءمة على الجسم.

وفي ستينيات القرن الماضي، قدمت شركة ليفي شتراوس تصميم 505 الذي يتميز بسحاب وساق مستقيمة ومنذ ذلك الحين، توسعت الشركة لتشمل جميع أنواع تصميمات الجينز المعروفة اليوم.

صعود ليفي شتراوس وظهور المنافسين

عمال يرتدون سراويل "جينز" - غيتي
عمال يرتدون سراويل "جينز" - غيتي

ومنذ عام 1890 وحتى عام 1950، هيمنت شركة ليفي شتراوس على سوق الجينز بفضل ابتكارها للمنتج، فاشتهر "جينز ليفي" بين عمال المناجم، وحطابي الأشجار، ورعاة البقر، والمزارعين، والعمال الصناعيين وغيرهم، وذلك لمتانتها وعمليتها وراحتها وتكلفتها المعقولة.

إلا أن نجاح ليفي المالي فتح شهية المنافسين، لا سيما مع تزايد الطلب على سراويل "الدنيم" المتينة، لتدخل شركتان أميركيتان مبكرًا سوق هذه الملابس العملية.

هكذا، بدأت شركة لي (Lee) كمنتج لملابس العمل المصنوعة من "الدنيم"، لكنها توسعت في مجال الملابس الترفيهية بحلول الخمسينيات.

وفي غضون ذلك، اكتسبت ليفي شتراوس شعبية عالمية وواجهت منافسة قوية من شركة "رانغلر" (Wrangler) القديمة في مجال "الجينز" و"الدنيم".

وظهرت سراويل جينز رانغلر الغربية الأصلية لأول مرة في السوق عام 1947 بفضل كيسي جونز الذي استحوذ على شركة Bluebell Company، واشتهرت سراويل "جينز رانغلر" بين رعاة البقر في حلبات الروديو، وبحلول عام 1996، كان واحد من كل خمسة سراويل تباع في الولايات المتحدة يحمل شعار "رانغلر"، بحسب "بريتانيكا".

دخول النساء عالم "الجينز"

مزارعات محليات في أميركا يرتدين "الجينز" عام 1941 - غيتي
مزارعات محليات في أميركا يرتدين "الجينز" عام 1941 - غيتي

اقتصر ارتداء "الجينز" في البداية على الرجال فقط بسبب طبيعة عملهم، ولكن مع اندماج المرأة في مجالات العمل المختلفة خلال سبعينيات القرن التاسع عشر، أصبح "الجينز" خيارًا عمليًا لها، وخاصة بالنسبة للنسوة العاملات في المزارع وتربية الماشية.

واليوم، ترتدي النساء في مختلف أنحاء العالم سراويل "الجينز" في العمل وغيره من المناسبات.

وشهدت ثلاثينيات القرن الماضي بداية ارتداء النساء للجينز كمظهر عصري، حيث نشرت مجلة Vogue إعلانًا يظهر سيدات من مجتمعين يرتدين نوعًا من الجينز الضيّق.

ومع مرور الوقت، أصبحت سراويل الجينز النسائية والحذاء ذو الرقبة الطويلة (cowboy boots)، أكثر شيوعًا، وبات من السهل الحصول عليها من المتاجر الكبرى.

وبعد الحرب العالمية الثانية، ظهر ابتكار سراويل الدنيم النسائية بفتحة جانبية، ورغم ذلك لم تبدأ الجينزات المصممة خصيصًا لأجسام النساء بالظهور إلا في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، وذلك بعد أخذ المصممين بعين الاعتبار الاختلافات في تكوين الجسم بين الرجال والنساء.

رمز تمرد الشباب 

"الجينز" رمز للتمرد وكسر القيود الاجتماعية عقب الحرب العالمية الثانية - غيتي
"الجينز" رمز للتمرد وكسر القيود الاجتماعية عقب الحرب العالمية الثانية - غيتي

وبعد تبعات الحرب العالمية الثانية ونمط الحياة الأكثر تحفظًا في الضواحي، بدأ الشباب في الخمسينيات والستينيات يسعون إلى الاستقلال الثقافي ومعارضة حياة أهلهم الأكثر هدوء.

توازيًا، أصبح نجوم الشباب في خمسينيات القرن الماضي مثل جيمس دين ومارلون براندو، رموزًا للشباب المناهض للثقافة السائدة الذين أرادوا نشر وترويج ومخالفة تقاليد آبائهم، وارتبطت صورتهم بملابس "الجينز"، ما عزز ارتباط هذا الزي بالتمرد.

وخلال العديد من المسيرات والاحتجاجات والحركات الحقوقية المدنية في الخمسينيات والستينيات، ارتدى الشباب الجينز بشكل كبير تاركين وراءهم السراويل والربطات الأكثر تقليدية في أوائل الخمسينيات، ليصبح "الجينز" رمزًا للتمرد وكسر القيود الاجتماعية، معبرًا عن رغبة الشباب في التغيير والتوجه نحو مستقبل أكثر تحررًا.

المصادر:
ترجمات

شارك

Close