بوساطة قطرية، أبرمت الولايات المتحدة وإيران صفقة دبلوماسية معقدة وحساسة، استغرق إعدادها أشهرًا طويلة، تبادل على إثرها البلدان سجناء بعدما أفرجت واشنطن عن أموال إيرانية كانت محتجزة في الخارج.
والسجناء الأميركيون المفرج عنهم متهمون من قبل طهران بالتجسس لصالح واشنطن، بينما كانت تهمة نظرائهم الإيرانيين مخالفة العقوبات الاقتصادية المفروضة على الجمهورية الإسلامية.
وفيما وجّه الرئيس الأميركي جو بايدن شكره لقطر وعدد من الدول على مساعدتها في إتمام الصفقة، قال إن المحتجزين سيعودون أخيرًا إلى الوطن، متعهدًا بالاستمرار في فرض العقوبات على طهران "بسبب أعمالها الاستفزازية" كما قال.
في المقابل، أعربت وزارة الخارجية القطرية عن أملها في أن يمهد الاتفاق بين واشنطن وطهران إلى مزيد من التفاهمات، مشددة على أن الاتفاق الحالي هو مقدمة ضمن إجراءات بناء الثقة بين الطرفين.
ورغم إصرار الولايات المتحدة على تأكيد موقفها العام تجاه سياسات إيران، إلا أن الصفقة قد تؤدي إلى تخفيف حدة التوتر بين الجانبين وبذل مزيد من التعب نحو تقليل المخاوف المتبادلة، خاصة في ما يتعلق ببرنامج إيران النووي.
وهو ما أشار إليه المسؤولون الأميركيون في أعقاب إتمام الصفقة بأن واشنطن لا تغلق الباب تمامًا أمام الدبلوماسية في ما يتعلق بالبرنامج النووي، غير أن الطموحات في هذا الاتجاه لا تزال ضعيفة.
دور قطر في تبادل السجناء بين واشنطن وطهران
في هذا السياق، يرى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة قطر حسن البراري أن "هذه الصفقة تأتي وسط أجواء متوترة في الخليج بسبب العسكرة ووجود تحشيد أميركي في المنطقة".
ويشدد البراري، في حديث إلى "العربي" من الدوحة، على أن "هناك بعض المخاوف الدائمة من المواجهة المباشرة بين الطرفين في الخليج".
ويتساءل: "الصفقة الحالية تطرح العديد من التساؤلات؛ هل ستؤدي إلى التهدئة في المنطقة؟ وهل تأتي وسط تفاهمات أكبر تفضي إلى حل الأزمات الأخرى؟".
ويقول: الصفقة مربحة للطرفين، ولا يبدو أنها بداية لمسار تفاوضي جديد، لكن يمكن للجانبين استغلال ما حصل خصوصًا وأن بايدن يتجه إلى السنة الأخيرة من ولايته.
ويضيف: أثبتت دول الخليج وتحديدًا قطر قدرتها على التوسط في الملفات الشائكة رغم صعوبتها.
"إيران حققت مصالحها"
من جهته، يعتبر الدبلوماسي الإيراني السابق محمد مهدي شريعتمدار أن "إيران استطاعت أن تخلص سجناءها المعتقلين في الولايات المتحدة بشكل تعسفي".
ويقول شريعتمدار، في حديث إلى "العربي" من طهران: "الإيرانيون مسجونون في أميركا بسبب الحظر المفروض على الجمهورية الإسلامية، وهذا الأمر في الأساس غير قانوني".
في المقابل، يؤكد شريعتمدار على أن "الاتهامات الموجهة للمسجونين في طهران قانونية وعادلة وجاءت بعد محاكمة".
ويضيف: "إيران حققت مصالحها من هذه الصفقة وأفرجت عن أموالها المجمدة وحررت سجناءها".
علاقات متوترة
بدورها، تؤكد المديرة السابقة لمبادرة مستقبل إيران في المجلس الأطلسي باربرا سلافين أن "هذا الاتفاق ليس جديدًا".
وتشير سلافين، في حديث إلى "العربي" من واشنطن، إلى أن "أميركا دائمًا تنقذ مواطنيها المسجونين في طهران عبر الإفراج عن أموال إيران المجمدة".
وتقول: "رغم ألا جديد في هذه الصفقة، إلا أنها أمر إيجابي طبعًا من ناحية إعادة لم شمل العائلات في أميركا".
وتضيف: "هذا الموضوع الذي حصل لا يغير في طبيعة العلاقات المتوترة بين الطرفين".