الثلاثاء 19 نوفمبر / November 2024

تبادل السجناء مع إيران.. واشنطن: الاتفاق لا يشمل تخفيف العقوبات

تبادل السجناء مع إيران.. واشنطن: الاتفاق لا يشمل تخفيف العقوبات

شارك القصة

فقرة ضمن برنامج "الأخيرة" تناقش أبعاد إفراج إيران عن سجناء أميركيين (الصورة: غيتي)
شدد بلينكن على أن إيران لن تحصل على أي تخفيف للعقوبات، مضيفًا أن الأموال الإيرانية ستحول لحسابات مقيدة بحيث لا يمكن استعمالها إلا لأغراض إنسانية.

أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الخميس، أن بلاده لن تخفف العقوبات على إيران بموجب اتفاق ينص على الإفراج عن خمسة مساجين أميركيين في الجمهورية الإسلامية.

وردًا على سؤال بشأن الإفراج المتوقع عن 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمدة، قال بلينكن للصحافيين: "لن تحصل إيران على أي تخفيف للعقوبات".

وأضاف: "ستستخدم أموال إيرانية، وتحول إلى حسابات مقيدة بحيث لا يمكن استعمال الأموال إلا لأغراض إنسانية".

وأكد أن الولايات المتحدة على اتصال بأسر المساجين الأميركيين الخمسة الذين نقلتهم إيران من السجن إلى الإقامة الجبرية في خطوة أولى نحو الإفراج عنهم.

وتابع وزير الخارجية الأميركي: "أعتقد أن هذه بداية نهاية كابوسهم، والكابوس الذي عاشته عائلاتهم"، نافيًا علمه بوجود أي أميركيين آخرين محتجزين في طهران.

تبادل سجناء

ويأتي هذا التطور بشأن السجناء - وأحدهم محتجز منذ نحو ثماني سنوات - بعد جهود دبلوماسية هادئة ومضنية بين البلدين الخصمين اللذين انهارت محادثاتهما المنفصلة حول إحياء الاتفاق بشأن النووي الإيراني.

وقالت مصادر مطلعة على المفاوضات إن الخطوة التالية ستكون تحويل ستة مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية إلى حساب خاص في قطر يمكن لطهران استخدامه لشراء سلع إنسانية مثل الغذاء والدواء.

من جهتها، وصفت إيران الاتفاق بأنه لتبادل السجناء، ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن بعثة طهران لدى الأمم المتحدة قولها إن كل دولة "ستمنح عفوًا، وتطلق سراح خمسة سجناء".

وقال مصدر طلب عدم ذكر اسمه، إنه إذا سارت الأمور كما هو مخطط له، فيمكن للسجناء مغادرة إيران في وقت ما في سبتمبر/ أيلول.

وأربعة من هؤلاء السجناء - سياماك نمازي وعماد شرقي ومراد طهباز وآخر فضل عدم الكشف عن هويته - نُقلوا الخميس من سجن إوين في طهران غداة إبلاغ إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عائلاتهم بحدوث انفراج في المحادثات.

وقال محامي أحد السجناء: إن "الأربعة نقلوا إلى فندق حيث وضعوا تحت الحراسة".

وأفادت مصادر أن سجينة أميركية هي أيضًا جزء من النقاشات وتم نقلها في الأسابيع الأخيرة إلى الإقامة الجبرية.

من هم السجناء؟

وجميع المواطنين الأميركيين الخمسة الذين نقلوا إلى الإقامة الجبرية من أصل إيراني. ولا تعترف إيران بالجنسية المزدوجة وعلاقاتها متوترة مع الولايات المتحدة منذ الثورة الإسلامية عام 1979.

وأوقف نمازي، وهو رجل أعمال، في أكتوبر/ تشرين الأول 2015. واتُهم بالتجسس بناء على ما تسميه عائلته أدلة مثيرة للسخرية مثل ارتباطاته السابقة بمراكز أبحاث أميركية.

سياماك نمازي وعماد شرقي ومراد طهباز
سياماك نمازي وعماد شرقي ومراد طهباز - وسائل التواصل

كما أوقف والده، المسؤول السابق في اليونيسف باقر نمازي، أثناء توجهه لمساعدة ابنه، لكن تم إطلاق سراحه العام الماضي إثر تدهور صحته.

أما طهباز، فهو أميركي من أصل إيراني ويحمل أيضًا الجنسية البريطانية، وقد أوقف إلى جانب نشطاء بيئيين آخرين في يناير/كانون الثاني 2018، وحكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات بتهمة "التآمر مع الولايات المتحدة".

وُضع طهباز في الإقامة الجبرية لفترة وجيزة العام الماضي أثناء التفاوض على اتفاق مع بريطانيا أدى إلى إطلاق سراح شخصين آخرين مزدوجي الجنسية، من بينهما عاملة الإغاثة نازانين زاغاري راتكليف.

وشرقي هو مستثمر وحُكم عليه أيضا بالسجن لمدة عشر سنوات بتهم تجسس.

أبعاد الصفقة بين طهران وواشنطن

وفي هذا الإطار، يوضح الباحث في العلاقات الدولية عقيل عباس، أن عملية تبادل الأسرى تبعث رسائل محددة لإيران، تتمثل في الرغبة الأميركية بحل الملف النووي سلميًا، لكن في الجانب الآخر مع قدرة الولايات المتحدة على ممارسة الضغط، من خلال إرسال المارينز والسفن إلى مضيق هرمز، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة غير مسبوقة ولم تقم بها واشنطن حتى أثناء المواجهة العسكرية التي حدثت بينها وبين إيران عام 1988.

ويضيف في حديث إلى "العربي" من ولاية فرجينيا الأميركية، أن صفقة التبادل والإفراج عن الأموال عقدت بوساطة قطرية، معربًا عن اعتقاده بأن هذه الخطوة يمكن أن تمهد السبيل لإعادة الحياة للمفاوضات النووية.

ويتابع عباس أنه من الصعب الحديث الآن عن حل المشاكل بين الطرفين، وسط حديث عن حزمة معقدة وعميقة من المشاكل، بعضها ذات طابع عسكري وأيديولوجي وأخرى ذات طابع سياسي، معربًا عن اعتقاده بأن الأولوية الأميركية الآن هي للجانب العسكري المتعلق بالملف النووي.

ويردف بأنه بعد تخفيف التصعيد بخصوص اتفاق مرحلي للملف النووي وتحوله إلى اتفاق دائم، حينها يمكن الحديث عن الملفات الأخرى.

ويشير عباس إلى أن هناك أولويات لكلا الطرفين، فإيران تريد رفع العقوبات الاقتصادية أو جزء كبير منها عن طريق الملف النووي، فيما تبدي الولايات المتحدة استعدادها للتعامل مع هذه الملفات.

"مرحلة جديدة"

من جانبه، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران حسين رويوران، أن اتفاق إطلاق السجناء ورفع الحجز عن عشرة مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمدة يثبت حقيقة أن المفاوضات كأسلوب يمكن أن تؤدي إلى نتيجة، ما يؤسس لمرحلة جديدة يمكن الاعتماد عليها في حل باقي الخلافات بين طهران وواشنطن وعلى رأسها موضوع الاتفاق النووي.

ويوضح رويوران في حديث إلى "العربي" من طهران أن الأموال التي سيفرج عنها من قبل واشنطن يجب أن تحول إلى قطر قبل أن تقوم إيران بإطلاق كامل للسجناء تمهيدًا لمغادرتهم الأراضي الإيرانية، لافتًا إلى أن الاتفاق مع قطر أيضًا يتمثل في أن تستعمل طهران هذه الأموال بفتح اعتمادات لشراء أي شيء مدني وغير عسكري من خلال المصارف القطرية.

ويردف أنه ليس هناك من وصاية على الأموال، ولكن هناك شروط واضحة في الاتفاق هو أن تقوم إيران باستعمال هذه الأموال كأرصدة لشراء أي معدات مدنية تحتاجها إيران.

ويخلص رويوران إلى أن إيران ستقبل هذه الصيغة، لأن الجانب العسكري الإيراني هو شأن داخلي، وبعيد عن التداخل مع العناصر الخارجية، مبينًا أن وجود هذه الأموال لتوفير حاجات إيران المدنية هو خطوة إلى الأمام، لتخفيف بعض الضغوط على الحكومة الإيرانية.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - أ ف ب
Close