مع ارتفاع درجات الحرارة حول العالم إلى مستويات غير مسبوقة نتيجة الاحتباس الحراري الناجم عن تغيّر المناخ، تكثّفت المحاولات العلمية للبحث عن خيارات تُساعد على تبريد كوكب الأرض.
وفي هذا الإطار، قام باحثون في جامعة واشنطن الأميركية في أبريل/ نيسان الماضي، بتجربة في مقاطعة ألاميدا في كاليفورنيا، تُعرف باسم "تبييض السحب البحرية" (MCB) والتي تهدف إلى إبطاء تغيّر المناخ عن طريق رشّ الغيوم بملح البحر.
لكنّ هذه التجربة توقّفت في الشهر التالي، بسبب مخاوف صحية وبيئية، وفقًا لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.
ما هي تقنية "تبييض السحب البحرية"؟
تقوم تقنية "تبييض السحب البحرية" على رشّ السحب بملح البحر، حيث تُساعد جزيئات الملح على تكوين قطرات ماء صغيرة ولامعة في السحب، تعكس ضوء الشمس بعيدًا عن الأرض لتفادي تسخين الكوكب.
ووفقًا لوكالة الفضاء الأميركية "ناسا"، تعمل القمم البيضاء الرقيقة لبعض السحب بمثابة واقي شمسي طبيعي لكوكب الأرض، بينما تعكس قطرات الماء وبلورات الجليد الموجودة بداخلها، ما بين 30 إلى 60% من ضوء الشمس الذي يضربها.
ويعتقد باحثو الهندسة الجيولوجية أنّ بإمكانهم جعل السحب أكثر سطوعًا وزيادة تأثيرها التبريدي، عن طريق زيادة عدد القطرات التي تحتوي عليها.
وتعود هذه التقنية إلى عام 1990، حين اعتقد الباحثون أنّ بإمكانهم عكس ضوء الشمس عن الأرض عن طريق رشّ السحب بجزيئات ملح البحر، ما يوفّر للرطوبة الموجودة في الهواء طبقة تمكّنها من تكوين قطرات الماء، أو بلورات الجليد.
وتحدث هذه الظاهرة بشكل طبيعي، عندما تنفخ رياح المحيط زبد البحر عاليًا في الهواء، لكنّ العلماء يعتقدون أنّه بإمكانهم تعزيز العملية لخفض درجة الحرارة بشكل ملحوظ تحت السحابة.
وبما أنّ العلماء لا يملكون آلات يمكنها رش جزيئات ملح البحر بشكل موثوق بالحجم المناسب وبالكمية المناسبة لتغيير السحب في العالم الحقيقي، تهدف التجربة في ألاميدا إلى اختبار آلة جديدة لرشّ الملح لدراسة "كيفية استجابة السحب للجسيمات، وإمكانية زيادة سطوع السحب البحرية للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري".
لماذا تُثير تقنية "تبييض السحب البحرية" الجدل؟
تُعارض بعض المجموعات البيئية "تبييض السحب البحرية" وتقنيات الهندسة الجيولوجية الأخرى، لأنّها تخشى أن يكون لتغيير أنظمة الكواكب عواقب غير مقصودة، ويمنح الملّوثين ذريعة لمواصلة ضخّ الكربون في الغلاف الجوي.
وتعتبر أكثر من 70 منظمة بيئية غير ربحية ومجموعة ناشطة في رسالة، أنّ الهندسة الجيولوجية لمحيطاتنا "تُمثّل إلهاءً خطيرًا عن الحلول الحقيقية لأزمة المناخ، وتمنح صناعة الوقود الأحفوري فرصة هروب محتملة، بينما تُعرّض محيطاتنا ومجتمعاتنا الساحلية لخطر جسيم".
في وقت سابق من هذا العام، تخلّى علماء جامعة هارفارد عن سعيهم الذي دام عقدًا من الزمن، لاختبار تكتيك مختلف للهندسة الجيولوجية يتضمّن إطلاق جزيئات من منطاد الهواء الساخن إلى طبقة الستراتوسفير لعكس ضوء الشمس بعيدًا عن الأرض، بعد أن فشلوا في الحصول على موافقة ولايتي أريزونا ونيومكسيكو وحتى السويد التي ألغت حكومتها التجربة تحت ضغط من مجلس السامي، الذي يمثّل مجموعات السكان الأصليين في فنلندا وروسيا والنرويج والسويد.