تحول مستشفى الشفاء ومحيطه إلى ورشة عمل لا تهدأ، وذلك بعد أيام من انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي منه حيث يواجه الأهالي مشقات صعبة في عملية البحث عن أفراد عائلاتهم المفقودين في المجمع.
ويشير مراسل "العربي" إسلام بدر من المكان، إلى تعاون الأهالي مع الجهات المختصة للبحث عن أفراد عائلاتهم بين الجثث المتحللة.
ومطلع أبريل/ نيسان الجاري، أعلن الجيش الإسرائيلي انسحابه من مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة بعد عملية عسكرية استمرت أسبوعين، مخلفًا وراءه دمارًا هائلًا وعشرات الجثث التي تركت في مقابر عشوائية، نظرًا لصعوبة الوصول إلى المقابر الرئيسية بسبب العملية العسكرية.
استحالة التعرف على الجثامين
وتعمل الطواقم الحكومية من وزارتي الصحة والداخلية إلى جانب الأدلة الجنائية ووزارة العدل، وبإشراف وتنسيق مع الصليب الأحمر الدولي ومنظمة "أوتشا" التابعة للأمم المتحدة، في مهمة مضنية للبحث والتنقيب عن جثامين الشهداء التي يعتقد أنها مدفونة في الساحة الرئيسية لمستشفى.
ويقول أحد العاملين ضمن الطواقم لـ"العربي" إن أجهزة فحص الحمض النووي "دي إن آي" لا تتوفر أصلًا في غزة، مؤكّدًا أنهم لن يستطيعوا التعرف على الكثير من الجثث المجهولة الهوية من دون مساعدة خارجية.
ويوضح: "اختلطت الأشلاء ببعضها وبالأتربة، وتمزقت وتحلّلت بشكل كبير جدًا.. واليوم نبذل جهدًا من أجل مساعدة الأهالي في التعرف على جثامين أبنائهم لدفنها بشكل لائق".
فخلال توغل الجيش الإسرائيلي في المستشفى، قام بعمليات تجريف وتدمير لتلك المقابر العشوائية بالإضافة إلى تدمير كامل لمباني المجمع الطبي.
مفقودون بدون أثر
ولفت بدر إلى وجود أجزاء من جثامين متحللة خلال جولة فريق "العربي" في مجمع الشفاء، مشيرًا إلى أن بين الفينة والأخرى يتم العثور على بعض هذه الجثامين المتحللة غير أنه لا يمكن في الوقت الحاضر وفي ظل هذه الظروف والإمكانيات التعرف على أصحابها.
بدورها، روت إحدى السيدات الفلسطينيات اللواتي حضرن إلى مجمع الشفاء عقب انسحاب جيش الاحتلال أنها أتت للبحث عن زوجها ومعرفة مصيره، وما إذا كان قد استشهد أو ما زال الأسر.
وصرحت لـ"العربي": "جئت لأنني أريد أن أعرف أين هو زوجي، أنا أتواصل مع الصليب الأحمر لكنه غير قادر على أن يفيدني بأي معلومة.. حتى الصليب الأحمر ممنوع من التواصل لمعرفة مصير الأسرى".
وتردف أن زوجها تعرض للاعتقال منذ أكثر من 15 يومًا في مستشفى الشفاء خلال العملية العسكرية التي تعرض لها المجمع، ومن يومها لا تعرف أي معلومة عنه.
وتتابع بكل تأثر: "أريد زوجي، أنا أبحث عنه.. أريد أن أعرف إذا ما توفي أو في الأسر.. من يطمئنني عنه؟ أين حقوق الإنسان؟ أين العالم كله لا يسمع صوتنا؟".
ويختم بدر رسالته بالقول: "لا يزال العمل مستمرًا في مجمع الشفاء الطبي بشكل مضنٍ ومؤلم.. حيث تسكن رائحة الموت الأنوف ولا توجد معدات للوصول إلى الجثامين بواقع مزرٍ وصعب".