يؤثر الجفاف في المغرب كثيرًا على إنتاج زيت الأرغان، لكن المواطنة فاطمة العسري تأبى أن ينال منها اليأس، إذ تفترش بساطًا تقليديًا، وتواصل بالحجر كسر حبات شجر الأرغان، وتسحقها.
في قرية تفضنة جنوبي الصويرة إلى الجنوب من العاصمة المغربية، تفضل النساء الطريقة التقليدية في إنتاج زيت الأرغان، عوضًا عن آلات العصر الحديثة، لأن لا شيء يضاهي نكهة الزيت المعصور تقليديًا، إذ يعكس الفارق بين سعر الزيت المصعور بالطرق الحديثة وبالطرق التقليدية جودة زيت الأرغان.
والأرغان هي شجرة معمرة تتحمل درجات الحرارة العالية، لكن إلى جانب الجفاف، يعاني زيتها من الاحتكار والمضاربة، لا سيما بعد اهتمام شركات عالمية بهذا المنتج المغربي، واكتشاف خصائصه الغذائية والعلاجية والتجميلية.
بدورها، حذرت السلطات المغربية من أن شجر الأرغان يعاني من مخاطر بيئية، ومن استغلال مفرط لهذه الثروة النباتية، وخصصت برنامجًا من أجل إعادة تأهيل آلاف الأشجار وزيارة إنتاج زيتها.
ما أسباب تراجع مساحات شجر الأرغان؟
وفي هذا الإطار، يشرح خبير التنمية المحلية والمستدامة خالد العيوض، أن الأرغان هي شجرة نادرة ولا تتواجد إلا في المغرب ما يعطيه فرادة وخصوصية، وتنتشر ضمن مثلث كانت مساحته كبيرة، لكنها تراجعت بشكل كبير، نتيجة عوامل متعددة.
ويضيف في حديث إلى "العربي" من مدينة أغادير المغربية، أن العامل البشري هو السبب الأساسي وراء تراجع مساحات شجرة الأرغان، بالإضافة إلى اشتداد حدة الجفاف والتغير المناخي ما أثر كثيرًا على الإنتاج.
ويردف العيوض أن الاحتكار ودخول الشركات المتعددة الجنسيات، التي أصبحت تشتري المادة الأولية من السوق أدى إلى ارتفاع أسعار زيت الأرغان بشكل صاروخي.
ويتابع أنه "عندما عُرف زيت الأرغان واشتهر على المستوى الدولي أثار اهتمام الشركات الكبرى خصوصًا التجميل منها وارتفعت أسعاره"، مشيرًا إلى أن هذا الزيت كان يستخدم في السابق في المغرب في المائدة.
ويلفت العيوض إلى أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" اعترفت بشجرة الأرغان عام 1990 وعام 2014، اعترفت اليونسكو للمرة الثانية بالخبرات والمهن المحلية المتعلقة بهذه الشجرة، وأدخلتها ضمن التراث الإنساني المادي، مضيفًا أن هيئات الأمم المتحدة اعترفت باليوم العالمي لشجرة الأرغان في 10 مايو/ أيار 2020.
ويشدد على ضرورة تطبيق قوانين صارمة في منع الاحتكار خصوصًا وأن الشركات الأجنبية تستخدم وسطاء مغاربة لشراء المادة الأولية، كما شدد أيضًا على ضرورة دق ناقوس الخطر للأسباب المرتبطة بتراجع الأشجار.