يزداد تأثير الحرب على غزة وتداعياتها الإقليمية على قطاع السياحة في الأردن "بشكل حاد" منذ 13 شهرًا، حيث تراجع أعداد السياح بشكل كبير وغير مسبوق، بحسب ما نقلت وكالة "رويترز".
وفي مثال على شدة الأزمة في الأردن، فقد قررت إيناس الحنطي خفض رواتب موظفي الفندق الذي تديره في مدينة البتراء الأثرية بالأردن إلى النصف.
كما طلبت الحنطي من العمال أخذ إجازات من دون أجر في محاولة لإبقاء الفندق مفتوحًا وسط إحجام السائحين الغربيين عن قضاء عطلاتهم في وجهات بالشرق الأوسط خوفًا من زيادة التصعيد بالمنطقة.
مواقع سياحية غير نشطة
وتنتشر في الأردن المنتجعات الشاطئية على حدود المملكة على البحر الأحمر والبحر الميت. وظلت مناطق أثرية مثل البتراء ووادي رم والقلاع الصليبية تجذب الزوار لعقود، إذ كان يتوافد عليها أكثر من مليون زائر سنويًا قبل العدوان على غزة معظمهم من الأميركيين والأوروبيين.
وفي البتراء وهي المدينة المنحوتة في الصخر وردي اللون، والتي تعد أكثر مناطق الجذب السياحي التي يرتادها الزائرون في الأردن، عمد أصحاب الأنشطة التجارية إلى إغلاق أبوابها. وقالت الحنطي، التي تدير فندق "نومادز" لوكالة رويترز: "لا توجد إيرادات، كلها خسائر".
وتؤكد البيانات ومقابلات أجريت مع سبعة من أصحاب الفنادق والأنشطة التجارية ومنظمي الجولات السياحية الضرر الذي لحق بقطاع السياحة، الذي شكل العام الماضي 12.5% من الاقتصاد.
وأظهرت بيانات شركة "فوروارد كيز" لمعلومات السفر أن حجوزات تذاكر الطيران إلى الأردن، انخفضت 35% على أساس سنوي في الفترة من 16 سبتمبر/ أيلول إلى الرابع من أكتوبر/ تشرين الأول.
وربط سيف السعودي، المدير العام لشركة دايركت تورز التي تتخذ من عمّان مقرًا، تدهور الوضع منذ هجوم بطائرات مسيرة نفذته إيران على إسرائيل في أبريل/ نيسان الماضي، والضربات العسكرية المتبادلة بين إسرائيل وإيران.
وأضاف: "بدأت الأمور تتجه نحو التحسن في أكتوبر الفائت، لكن الهجوم الثاني قضى على كل هذه المكاسب"، وفق قوله.
انخفاض في الإيرادات
ويواجه قطاع السياحة في أنحاء الشرق الأوسط صعوبات، وتظهر بيانات (فوروارد كيز) أن حجوزات الطيران إلى المنطقة انخفضت 6% على أساس سنوي منذ السابع من أكتوبر 2023.
وانخفضت الحجوزات إلى إسرائيل ولبنان بشكل أكثر حدة مقارنة بالأردن في الفترة بين 16 سبتمبر الفائت والرابع من أكتوبر الماضي، في حين شهدت سلطنة عمان والسعودية والبحرين انخفاضات أقل.
أدى التصعيد الأحدث في المنطقة الذي تضمن هجمات إسرائيلية مكثفة على لبنان، إلى تبدّد الآمال في تعافي القطاع السياحي خلال أشهر الخريف بطقسها اللطيف، وهو موسم رئيسي للسياحة في الشرق الأوسط.
وقالت مجموعات سياحية دولية مثل إنتريبيد وريفيرا ترافل إنها ألغت رحلاتها إلى الأردن ومصر بعد أن أمطرت إيران إسرائيل بصواريخ باليستية في الأول من أكتوبر المنصرم.
وبحسب تقديرات عبد الله الحسنات رئيس جمعية فنادق البتراء، انخفضت معدلات إشغال الفنادق في المدينة في المتوسط إلى 10%.
"اللجوء إلى الاحتياطيات المالية"
وقال الحسنات الذي يملك فندقًا: "السنة الماضية أسوأ فترة بتمر فيها البترا من يوم ما اكتُشفت... كل الاستثمارات الموجودة فيها الآن في الإنعاش بصراحة. إحنا نبحث عن منقذ"، مشيرًا إلى أنه عندما توقفت الرحلات توقفت الحجوزات.
وأوقفت معظم شركات الطيران الدولية رحلاتها إلى بيروت وتل أبيب، لكن بعضها، مثل رايان إير، أوقفت أيضًا رحلاتها إلى الأردن، ويرجع ذلك جزئيًا إلى قربها من المجال الجوي الإسرائيلي واللبناني.
وقال أصحاب فنادق: إن قرار رايان إير على وجه الخصوص يعني قدوم عدد أقل بكثير من السياح الغربيين إلى البلاد.
ويقول أصحاب الشركات: إن الضرر سيكون طويل الأمد. فقد تبخرت الحجوزات المستقبلية، مما أجبر مديري الفنادق مثل الحنطي على اللجوء إلى احتياطياتهم المالية لمواصلة دفع الرواتب. وهي تبقي فندقها مفتوحًا، ولكن مع تشغيل عدد أقل من الطوابق.
وقالت وزيرة السياحة الأردنية لينا عناب لرويترز: إن قطاع السياحة في المملكة نجا من الأزمات السابقة المرتبطة بالصراع طويل الأمد بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وأضافت: "يدعونا هذا للتركيز حقًا على أسواقنا الأكثر مرونة، والتي لم تتأثر بالوضع بنفس القدر"، وأردفت قائلة: إن الزوار لا يزالون يأتون من الدول المجاورة.