تحت شعار "نتنياهو هو العائق ويجب إسقاطه"، يصعّد أهالي الأسرى في قطاع غزة من حملتهم، في ظلّ تحذيرات أمنية متزايدة ورفع حالة التأهب لمواجهة احتجاجات أكثر كثافة، ممزوجة بتهديدات عائلات الأسرى بحرق البلاد إذا لم تستجب الحكومة لمطالبهم.
وعشية الاستعداد لإطلاق مزيد من التظاهرات، كان آلاف الإسرائيليين قد طالبوا بإجراء انتخابات جديدة وبصفقة لتبادل الأسرى، وسط مواجهات اندلعت بين محتجين وعناصر أمنية مترافقة مع حملة اعتقالات مغلفة باتهامات لنتنياهو بالمناورة وإضاعة الوقت.
خلافات في مجلس الحرب
وفي الأثناء، تظهر للعلن الخلافات في مجلس الحرب حيال تعاطي نتنياهو مع صفقة التبادل، وسط أنباء تتحدث عن رغبة لدى أغلب وزراء حكومة الحرب، بل ووزراء الليكود بإبداء مرونة أكثر مع مطالب حماس.
ورغم ذلك، فإن الوفد التفاوضي منزوع الصلاحية في القاهرة بعدما أصرّ بنيامين نتنياهو على رفض طلب المفاوضين الإسرائيليين منحهم مساحة أكبر حتى يتمكنوا من التوصل إلى صفقة، وهو ما قد يصطدم بآمال ذوي الأسرى. ويعزّز قناعتهم بأن نتنياهو هو من يعرقل نجاح الصفقة.
انقسامات بشأن قانون التجنيد
وتأتي الخلافات داخليًا بشأن إدارة المفاوضات كذلك في وقت يواجه فيه نتنياهو تحديًا آخر، يتمثل بالانقسامات حيال ما يعرف بقانون التجنيد، والذي يتمحور حول الخدمة العسكرية للذكور من اليهود "الحريديم"، حيث ينتهي غدًا الإثنين الأول سريان الأمر المؤقت الذي يعفي الحريديم من الخدمة.
كما يبدأ تنفيذ قرار المحكمة العليا وقف جزء من الميزانيات المخصصة للمعاهد الدينية اليهودية، التي لا يلتحق طلابها بالخدمة العسكرية.
فقدان الثقة بحكومة نتنياهو
وفي هذا الإطار، يشير الباحث في مركز مدى الكرمل إمطانس شحادة إلى أن انتقال احتجاج أهالي الأسرى الإسرائيليين إلى مظاهرات عنيفة تخلّلها إغلاق شوارع ومحاصرة الكنيست هو تعبير عن فقدان الثقة برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته في تحقيق أي تقدم في ملف تحرير الأسرى.
ويلفت شحادة في حديث إلى "العربي" من حيفا، إلى أن حكومة نتنياهو لم تول أي أهمية لملف الأسرى منذ البداية، حيث كان الهدف الأساسي المعلن للحرب هو القضاء على حركة حماس.
ويأتي ذلك بعد تصريحات رئيس الموساد بأن الظروف نضجت لإتمام صفقة تبادل مع حركة حماس وأنه بالإمكان التقدم في الصفقة لولا التعنت الإسرائيلي.
ويعتبر شحادة أن جزءًا كبيرًا من الإسرائيليين مقتنعون بأن العائق الأساسي لإتمام صفقة تبادل الأسرى هو موقف نتنياهو.
ضغوط كبيرة تحاصر نتنياهو
من جهته، يرى الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات معين الطاهر أن مراسلة أهالي المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس للرئيس الأميركي جو بايدن طلبًا للمساعدة في صفقة الأسرى، يمس بمفاهيم السيادة والاستقلال.
لكنه يعتبر في حديث إلى "العربي" من عمّان، أن العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل هي من نمط مختلف، حيث إن حجم التحالف بين الجانبين هو أكثر من المتوقع حيث تتدخل الولايات المتحدة في الخطط العسكرية والترتيبات الأمنية في إسرائيل.
ويقول الطاهر: "يحاول نتنياهو أن يظهر نفسه بأنه بطل الاستقلال اليهودي وأنه هو الذي يتصدى للإملاءات الغربية، وكان قد فعل ذلك سابقًا في عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما حيث توجه للكونغرس دون المرور بالبيت الأبيض".
ويعتبر أن حجم الضغوط على نتنياهو هذه المرة أكبر من أن يستطيع أن يتحمله، لافتًا إلى أن رفض نتنياهو إرسال الوفد الإسرائيلي إلى الولايات المتحدة هو احتجاج على عدم استخدام واشنطن لحق الفيتو في مجلس الأمن أمام قرار وقف إطلاق النار في غزة. لكن نتنياهو رضخ بعد أيام وقرر إرسال الوفد للولايات المتحدة.
ويشير الطاهر إلى أن الخلاف بين نتنياهو والإدارة الأميركية ليس على وقف الحرب بل على الطريقة والأولويات.
تصعيد يخدم الجانب الفلسطيني
وحول تأثير التصعيد في الشارع الإسرائيلي، يرى الباحث السياسي أحمد الحيلة أن هناك ملازمة طردية بين صمود المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وقدرتها على شن حرب نفسية على الجمهور الإسرائيلي والسياسيين الإسرائيليين من خلال مجموعة من المعلومات التي تبثها أسبوعًا تلو الآخر.
ويقول في حديث إلى "العربي" من اسطنبول: "إن الجمهور يتلقف هذه المعلومات ويشاهد كيف أن الاحتلال فشل في إطلاق سراح الأسرى ولم يستطع أن ينقذ أحدًا، بل إن العمليات العسكرية أدت إلى مقتل العديد من أبنائهم من الجنود والضباط والأسرى".
ويوضح الحيلة أن ذلك أثّر على الشارع الإسرائيلي الذي بدأ بالتحرك بشكل جديد حيث انضم إلى أهالي الأسرى المدنيين أهالي الأسرى الجنود والضباط لأول مرة منذ ستة أشهر.
كما يشير إلى بدء حراك من الحريديم وعائلات الجنود القتلى في قطاع غزة من أنصار الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش الذين يهددون الجمهور الآخر.
ويضيف: "هذا يشكل عبئًا على الحكومة الإسرائيلية"، مشيرًا إلى انقسام في المجتمع الإسرائيلي بين من يدعم صفقة تبادل الأسرى وبين من يقف ضدها.
كما يلفت الحيلة إلى أن كل ذلك يصب في مصلحة الفلسطينيين ويساعدهم على الصمود ميدانيًا وعلى طاولة المفاوضات.