أعاد التحقيق في مجزرة "حي التضامن" بسوريا، الجرائم التي قامت بها قوات النظام منذ ثورة 15 مارس/ آذار عام 2011، إلى الواجهة، حيث احتلت بمشاهدها المروّعة مواقع التواصل الاجتماعي في بلدان عربية عدة.
وكتب ناشطون سوريون العشرات من الشهادات حول المآسي والأهوال التي عاشوها خلال السنوات الماضية، بعد نشر صحيفة "الغارديان" البريطانية التقرير المصور الذي يظهر جنودًا من قوات النظام السوري وهم ينفذون عمليات إعدام جماعية في حي التضامن جنوبي العاصمة دمشق عام 2013.
"الغارديان" تنشر فيديو لإعدام النظام السوري 41 مدنيا في العاصمة #دمشق عام 2013 pic.twitter.com/aC3yK54oEH
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) April 28, 2022
ازدواجية المعايير
وصوب العديد من الناشطين السوريين باتجاه المجتمع الدولي، في إشارة منهم إلى ازدواجية المعايير التي تجلت في المواقف الدولية الأخيرة تجاه مجرزة بوتشا وغيرها من المشاهد المروّعة في أوكرانيا، وما شهده السوريون طوال تلك الفترة التي تلت ثورة 2011.
#مجزرة_التضامن هي النسخة السورية الأكثر فضاعةً من #مجزرة_بوتشا في #أوكرانيا..ألا تستحق نفس ردة الفعل الدولية؟ بخاصة أن سفاح #مجزرة_حيّ_التضامن_الدمشقي هو حليف سفاح #بوتشا pic.twitter.com/kqT16oB5bu
— Watheq Al-Sadoon (@WatheqAlsadoon) April 28, 2022
وأظهر التحقيق أفرادًا من قوات النظام يقتادون مجموعات من المدنيين معصوبي الأعين، ومقيدي الأيدي، ويجبرونهم على السير نحو "حفرة الإعدام" غير مدركين أنهم سيقتلون بالرصاص، حيث حصدت الجريمة الموثقة أرواح 41 شخصًا بحسب "الغارديان".
مجزرة حي التضامن جزء من اجرام العصابة المجرمة وماخفي أعظم وكثير من اهلنا ينتظرون عودة ابنائهم و حسبنا الله ونعم الوكيل يجب محاسبة المجرم بشار فهو المسؤول عن كل هذه الجرائم
— اسماعيل ابواسامة (@AbwasamtYl) April 29, 2022
وأعاد ناشطون سوريون بث مقاطع فيديو، لأكثر من مجرزة قام بها النظام السوري، ولا سيّما في درعا جنوبي البلاد، وقرية البيضا الواقعة في بانياس غربي سوريا وكلا المجزرتين وقعتا في العام نفسه لمجرزة حي التضامن.
وكان مراسل "الغارديان" في الشرق الأوسط قد وصف صور حي التضامن بأنها أفظع ما رآه في الصراع السوري.
شهادات إضافية
وروى مراسل "العربي" عدنان جان المتحدر من حي التضامن في سلسلة تغريدات على منصة تويتر شهادته عن الأهوال التي شهدتها المنطقة، كاشفًا أن أفرادًا من أسرته أُحرقوا وهم أحياء وأن أحد مساجد الحي تحول إلى مسلخ بشري، حيث كان أفراد قوات النظام يغتصبون ويعذبون النساء بداخله وهم يشغلون إذاعات المسجد لتصل الأصوات إلى كامل أرجاء الحي قبيل إحراقهم.
في نهاية شارع دعبول، يقع مسجد سعد بن الربيع. تحول المسجد إلى مسلخ بشري. كانوا يغتصبون ويعذبون النساء بداخله وهم يشغلون إذاعات المسجد لتصل آهات المعذبين إلى كامل أرجاء الحي قبيل إحراقهم.
— Adnan Can Ataytürkmen (@CanAtayturkmen) April 28, 2022
من جهته، شدّد رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني على ضرورة أن يستثار ويتحرك الرأي العام تجاه المجزرة التي كشفها تحقيق "الغارديان".
وأضاف في حديث لـ"العربي" من العاصمة القطرية الدوحة، أن التحقيق كشف هوية مرتكب الجريمة والفرع الذي ينتمي له، ما يشكل إدانة كبيرة وواضحة ضد النظام السوري.
ما السياق الذي ارتكبت فيه #مجزرة_التضامن؟ ارتكبت #مجزرة_التضامن والتي راح ضحيتها 41 مدنيا، في 16-4-2013 بحي #التضامن جنوبي دمشق، الذي كان النظام يسيطر على ثلثيه وتسيطر المعارضة على الباقي في الفترة التي سادت فيها أجواء استعدادات الثوار للدخول إلى العاصمة وبدء معركة إسقاط النظام
— Mattar Ismaeel (@RevoreporterSy) April 27, 2022
وكتب عدد من الناشطين السوريين الذين ينتمون إلى المنطقة التي شهدت المجزرة، شهاداتهم حول تلك الحقبة، وروى بعضهم أن عدد الضحايا تجاوز الـ41 شخصًا، وبأن عائلات بكاملها اختفت من الحي الواقع خارج البوابة الجنوبية لمدينة دمشق القديمة.
المحاكمة الدولية
وعلق عازف البيانو السوري مالك الجندلي على منصة تويتر بالقول: إنّ على العالم أن يتحد لتقديم رئيس النظام بشار الأسد للعدالة الدولية ومحاكمته على جرائم الحرب المروّعة التي ارتكبها بحق الإنسانية، والإبادة الجماعية التي قادها بحق المدنيين والأطفال، فالشعب السوري يستحق تلك العدالة والسلام.
غيض من فيض وكالعادة أمام أعين العالم والمجتمع الدولي وماخفي أعظم#مجزرة_التضامن #سوريا
— yara sabri (@yarasabri1) April 29, 2022
وفي يناير/ كانون الثاني من العام الجاري، سجل القضاء الألماني سابقة في محاكمة مرتبطة بجرائم النظام السوري، حيث أصدر حكمًا بالسجن مدى الحياة، بحق أحد كبار ضباط النظام بعد إدانته بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
وقضت المحكمة العليا الإقليمية في كوبلنتس (غرب ألمانيا) بأن السوري أنور رسلان (58 عامًا)، العقيد السابق في مخابرات النظام، مسؤول عن مقتل معتقلين وتعذيب آلاف آخرين في معتقل سرّي للنظام في دمشق، وذلك بين 2011 و2012. وهذا المركز أشير إليه على أنه تابع لقسم التحقيقات-الفرع 251 والمعروف باسم "أمن الدولة - فرع الخطيب" في دمشق.
وقد أسفرت هذه المحاكمة التي قسّمت إلى جزأين، عن إصدار إدانة في 24 فبراير/ شباط العام الماضي لعضو سابق في أجهزة المخابرات، لكنّه من رتبة أدنى ويدعى أياد الغريب، وذلك بتهمة "التواطؤ في جرائم ضدّ الإنسانية". وهي أول محاكمة بشأن التعذيب في سوريا.