أفادت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو" بأن عوامل تغير المناخ وتعثر الاقتصاد، والقضايا الأمنية العالقة، تضافرت لتلحق ضررًا بالغًا بإنتاج سوريا من الحبوب عام 2022، مما ترك غالبية مزارعيها في مواجهة وضع حرج ومحفوف بالمخاطر.
وقال مايك روبسون ممثل المنظمة في سوريا: إن "محصول القمح في سوريا لعام 2022 بلغ نحو مليون طن، بانخفاض 75% عن مستويات ما قبل عام 2011 في حين أن الشعير بات شبه منعدم".
أزمة هطول أمطار
وأدى عدم انتظام هطول الأمطار في الموسمين الماضيين إلى تقلص محصول القمح في سوريا الذي كان يبلغ نحو 4 ملايين طن سنويًا قبل الحرب، وهي كمية كانت تكفيها لإطعام شعبها، وكذلك تصديرها إلى البلدان المجاورة.
ومما زاد الأمر سوءًا، ارتفعت أسعار القمح العالمية منذ فبراير/ شباط بعد أن أوقف الهجوم الروسي على أوكرانيا تدفق صادرات الحبوب من البحر الأسود لعدة أشهر.
وقال روبسون: "تغير المناخ ليس سهلًا على أي حال، لكن في دولة مثل سوريا، فالصعوبة مضاعفة مع ارتفاع التضخم وانعدام الكهرباء وعدم وجود مدخلات إنتاج من نوعية جيدة".
ويعتمد الجزء الأكبر من محصول القمح في سوريا، وبالتحديد 70% تقريبًا، على هطول الأمطار مع تداعي أنظمة الري.
ومقارنة بالمساحات المزروعة، بلغ المحصول نحو 15% فقط مما كان يتوقعه المزارعون من مناطق زراعة القمح التي تعتمد على الأمطار.
وأشار روبسون إلى أنه "عندما تهطل الأمطار، كانت تتركز في فترات بعينها ولم تتبع الأنماط التقليدية".
وأضاف: "التأخر في هطول الأمطار أدى إلى تعطل المزارعين ولم يتمكنوا من تجهيز أراضيهم في الوقت المناسب ثم انتهت الأمطار في أوائل مارس/ آذار الماضي".
الجفاف في الحسكة
في السياق عينه، يعاني أهالي محافظة الحسكة السورية من تراجع محصول حقولهم من الحبوب بشكل غير مسبوق، بعد موسم جفاف قاس، مع تواصل ارتفاع درجات الحرارة.
وزاد من مخاوف أهالي المنطقة عدم توفر مخزون كاف من الحبوب لسد حاجياتهم في ظل استمرار الحرب في البلاد واستشعارهم لتداعيات الحرب البعيدة في أوكرانيا على واردات القمح إلى سوريا.
وأصبحت رحلة البحث عن الكلأ من قبل الرعاة في الحسكة شاقة، في حقول لم ينبت بها العشب؛ بسبب عدم نزول الأمطار.
وأدت قلة الأمطار إلى نقص في محصول القمح والعواصف والغبار وارتفاع الأسعار، في وقت تؤكد فيه الأمم المتحدة أن 60% من السوريين يعانون من نقص الغذاء.
تأثيرات حرب أوكرانيا على سوريا
وفي حديث سابق لـ"العربي" قال ألأكاديمي والباحث في الأمن الغذائي والتنمية المستدامة شاهر عبد اللطيف التنبيات: إن تأثير ما حدث في أوكرانيا على الأمن الغذائي كبير وقاس في سوريا، ما يعني "عدم القدرة على إنتاج الكميات المطلوبة محليًا، وعدم القدرة على استيراد حاجتها من الحبوب".
وعادة ما يزرع المزارعون في سوريا محصولهم من القمح في الفترة ما بين نوفمبر/ تشرين الثاني وديسمبر/ كانون الأول ويحصدون المحصول في الفترة من مايو/ أيار إلى يونيو/ حزيران.
كما أن الاقتصاد السوري يرزح أيضًا تحت وطأة الصراع المعقد والمتعدد الأطراف الذي دخل عامه الثاني عشر.
وأدى انهيار الليرة السورية إلى ارتفاع أسعار النوعيات الجيدة من الأسمدة والبذور وكذلك الوقود اللازم لتشغيل مضخات المياه.
وفي المعتاد، ينتج الهكتار الواحد من الأراضي المروية والمزروعة بالقمح بين ثلاثة وأربعة أطنان، ولكنها حاليًا تنتج طنين فقط تقريبًا مع معاناة المزارعين في الحصول على المدخلات الزراعية الأساسي.