حذّر تقرير استخباراتي أميركي من الانقسام المحتمل داخل المجتمع الدولي والنظام العالمي خلال الأعوام المقبلة، نظرًا لتأثيرات جائحة كورونا حول العالم على تعطّل التجارة الدولية، وتقويض التماسك المجتمعي.
ويتحدّث التقرير، الذي يصدره مجلس الاستخبارات الوطني الأميركي كل 4 سنوات، عن المزيد من تحديات الأمن القومي التقليدية مثل الصعود المزعزع المحتمل للصين مع الاتجاهات الاجتماعية ذات الأثر الأمني الواضح، ومثل مساهمة الإنترنت في تفاقم الانقسامات السياسية والثقافية.
وكانت النسخة السابقة من التقرير الصادرة في العام 2017 تنبأت بخطر حدوث جائحة عالمية، واضطراب اقتصادي هائل.
وأفاد التقرير الجديد بأن جائحة كوفيد-19، أظهرت ضعف النظام العالمي، وأن المؤسسات المصممة لمواجهة الأزمات غير كافية لتنسيق استجابة عالمية للتحديات الجديدة مثل انتشار فيروس كورونا. وقال التقرير: إن فشل هذه المؤسسات في مواجهة الجائحة عمّق الاستياء العام، وزاد من تآكل الثقة بالنظام القديم.
تعزيز "الاتجاهات القومية" بسبب كورونا
وذكر التقرير أن "جهود احتواء الفيروس وإدارته، عززت الاتجاهات القومية على مستوى العالم، حيث اتجهت بعض الدول إلى الداخل لحماية مواطنيها، وفي بعض الأحيان إلقاء اللوم على الفئات المهمشة".
كما غذّت الاستجابة للوباء الحزبية والاستقطاب في العديد من البلدان، حيث تتجادل المجموعات حول الاستجابة المثلى للجائحة، وتبحث عن كبش فداء لإلقاء اللوم على نشر الفيروس، وبطء الاستجابة للتخفيف من آثاره.
وتوقّع التقرير أن تجعل الاتجاهات الحالية السياسة العالمية أكثر تقلبًا. وعلى الصعيد الدولي، ستواصل الصين تحدي الولايات المتحدة والنظام العالمي الذي يقوده الغرب، وستصبح السياسة في بعض البلدان أكثر إثارة للجدل.
مواجهة تحديات تغير المناخ في العالم
وعلى صعيد تغير المناخ، أشار التقرير إلى التعديلات الصعبة التي ستحتاج إليها البلدان، مثل بناء مخزن لمياه الأمطار وتعزيز حواجز الأمواج. وتوقع التقرير أن يؤدي تغير المناخ إلى زيادة الهجرة العالمية، معتبرًا أن الابتكار والتعاون التكنولوجي بين الصين والغرب، هما مفتاح التكيف مع تغير المناخ والتحولات الديموغرافية والتحديات الأخرى.
وذكر التقرير أن عدم المساواة في الدخل قد يزداد سوءًا، وربطها في بعض الأحيان بعدم المساواة في المعلومات، مع ازدياد "فجوة الثقة" بين الرأي العام الذي يؤمن بالحل الحكومي والجمهور الذي لديه شكوك عميقة في المؤسسات.
التطور التكنولوجي وأثر المعلومات المضللة
كما أشار إلى أن التكنولوجيا فاقمت هذه المشكلة، حيث حلّت الخوارزميات ووسائل التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي محل الخبرة في تحديد المعلومات التي تنتشر على نطاق واسع؛ ما جعل الجمهور أكثر عرضة للمعلومات المضللة.
وقالت ماريا لانغان-ريكهوف، مديرة مجموعة المستقبل الاستراتيجي لمجلس الاستخبارات، إن "المخاوف من انخفاض الدخل في جميع أنحاء العالم تتزايد، وهو اتجاه مقلق عندما يقترن بالتغييرات في كيفية مشاركة المعلومات وتعميق الانقسامات الاجتماعية".
إضعاف الديمقراطية
وأشار التقرير إلى أن هذه الاتجاهات يمكن أن تُضعف الحكومات الديمقراطية مع مرور الوقت.
وأضاف: "في الوقت الذي يتمّ فيه تمكين السكان بشكل متزايد، تتعرّض الحكومات لضغوط أكبر من التحديات الجديدة والموارد المحدودة. وهذه الفجوة الآخذة في الاتساع تنذر بمزيد من التقلبات السياسية وتآكل الديمقراطية وتوسيع الأدوار لمقدمي الحوكمة البديلين. وبمرور الوقت، قد تفتح هذه الديناميكيات الباب لتحولات أكثر أهمية في كيفية الحكم".
وقال التقرير: "مثل الكثير من الهجمات الإرهابية المشابهة لأحداث 11 سبتمبر 2001، من المرجّح أن تنتج عن جائحة كوفيد-19 بعض التغييرات التي سيكون لها أثر على المدى الطويل، حيث تتغيّر طريقة العيش والعمل والسلطة المحلية والدولية".
وأكدت لانغان-ريكهوف: "لن تبقى التحديات داخل حدود دولة واحدة بعد الآن، وسنشعر بها على مستوى العالم بشكل أسرع. قد يكون هذا نذيرًا لأشياء أخرى مقبلة".