رأى محلل إسرائيلي في صحيفة "هآرتس" العبرية، أن زيارة وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن إلى تل أبيب كشفت "عمق الخلاف" مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وعدم ثقة الإدارة الأميركية به ونفاذ صبرها تجاهه.
في التفاصيل، كتب المحلل ألون بينكاس في مقاله التحليلي: "يبدو أن الولايات المتحدة بدأت تفقد صبرها وتحاول بطريقة أو بأخرى التوفيق بين الدعم الأساسي والعميق لإسرائيل وبين عدم الثقة والإحباط العميقين تجاه نتنياهو".
وأضاف أن "الزيارة الأخيرة لبلينكن، أظهرت مجددًا أن الخلافات في المواقف والثقة تتزايد بدلًا من أن تضيق".
ونقل المحلل عن عضوين مؤيدين لإسرائيل في الكونغرس الأميركي لم يسمهما قولهما إن "الإدارة على شفا قرار لا مفر منه.. لا خيار ولا مجال للمرونة.. بايدن يدفع ثمنًا سياسيًا لدعمه الكبير وغير المحدود لإسرائيل، لكن مدى صبره وتسامحه وصل إلى أقصى الحدود".
وشدد بينكاس على أن "الزيارة السابعة لبلينكن إلى إسرائيل منذ اندلاع الحرب على غزة، كشفت بوضوح عن اتساع وعمق الخلاف في الرأي بين الولايات المتحدة وإسرائيل".
وأوضح أن "أول علامة على ذلك ظهرت في بيان بلينكن وطلبه، فأولًا قال إن الإسرائيليين تم تجريدهم من إنسانيتهم في 7 أكتوبر، لكن هذا لا يعطي الإذن للآخرين للقيام بذلك أي تجريد الآخرين من إنسانيتهم"، في إشارة إلى سكان غزة.
وأضاف المحلل السياسي أنه من خلال هذه الكلمات أعرب بلينكن عن عدم تسامحه مع ما خلّفته الحرب الإسرائيلية المتراكمة بغزة، والتي ذهب ضحيتها أكثر من 27 ألف شخص.
واستدرك قائلًا: "ناهيك عن أن الرئيس الأميركي جو بايدن قبل نحو أسبوعين وصف الهجمات الإسرائيلية بأنها عشوائية".
فقدان الثقة بنتنياهو
توازيًا، يلفت بينكاس إلى أن وزير الخارجية الأميركي قدم طلبًا "غير مسبوق" في زيارته الأخيرة، وهو لقاء رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي "الذي يعتبره الأميركيون محاورًا موثوقًا وجادًا وشاملًا".
ويضيف: "يمكن للمرء أن يفهم غضب نتنياهو ورفضه السماح بعقد اللقاء لكن الأمر لا يتعلق بالصواب الدبلوماسي أو احترام فكرة السيادة الإسرائيلية.. يعبر طلب بلينكن عن فقدان واضح للثقة في السيد نتنياهو".
ويتابع: "من المؤكد أن انفعال الوزراء وأعضاء الكنيست من ائتلاف رئيس الوزراء ضد الرئيس بايدن والألفاظ النابية الصادرة عنهم لا تساعد صورته، ولا تزيد إلا من الافتقار العميق للمصداقية التي يعاني منها في واشنطن في أسوأ الأحوال".
وكان بلينكن أنهى زيارته السابعة لإسرائيل والخامسة للمنطقة بعد هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول، ضمن جولة شملت السعودية وقطر والأردن ومصر والأراضي الفلسطينية، في إطار بحث صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار بغزة.
التجاهل الإسرائيلي لأميركا
من جهة ثانية، يعتقد المحلل السياسي أن المسؤولين الأميركيين يدركون المشاكل السياسية التي يواجهها نتنياهو، إلا أنهم يدركون أيضًا أن مجال المناورة أمامهم قد نفد.
ويرى أن "نتنياهو سيجد صعوبة في قبول شروط حماس، وهناك تقييم بأن لديه دوافع سياسية في إطالة أمد الحرب.. وامتنع الوسطاء حتى الآن عن المطالبة بوقف شامل لإطلاق النار، إلا أنهم يقدرون أن هدنة مطولة تعني النهاية الفعلية للحرب".
ويقول: "إن احتمال قيام إسرائيل بالهجوم مرة أخرى في اليوم التالي لانتهاء المهلة من النقطة التي توقف فيها القتال يبدو للأميركيين غير محتمل بشكل واضح".
أما عن خطة "اليوم التالي" ومن سيحكم غزة، فيشير بينكاس إلى أن الولايات المتحدةلم تتلق حتى الآن ردًا إسرائيليًا "ولم تسمع خطة سياسية منظمة" بهذا الخصوص.
وتابع مشدّدًا على أنه "بدلاً من ذلك، تجاهلت إسرائيل أو رفضت كل فكرة أميركية دون الدخول في نقاش جدي. إن درجة تسامح الإدارة مع شعارات نتنياهو حول النصر الكامل تتضاءل يومًا بعد يوم".