بلغ التلوث البيئي في الكويت مستويات عالية مع معاناة الدولة الخليجية من قلة المساحات الخضراء، وغياب بنية تحتية متطورة للنقل الجماعي المقتصد للطاقة مثل الأنفاق وغيرها.
فالمعاناة مضاعفة في الكويت، حيث التلوث البيئي هو الأعلى في المنطقة. وتتعدد أسباب التلوث ومظاهره في وقت تناهز فيه معدلات تلوث الهواء نسبة مئوية كاملة وفقًا لمراكز رصد عالمية، لا سيّما مرصدي سفارة الولايات المتحدة في البلاد وموقع الطقس "ياهو".
تفاقم الوضع البيئي
ويفاقم الوضع البيئي عوامل أخرى تتجمع في دولة الكويت، كقلة المساحات الخضراء والاستخدام المفرط لوسائل النقل ذات العوادم الكربونية، إلى جانب نمط حياة يدفع إلى ترتيب الكويت من أكبر المنتجين للنفايات خليجيًا وعالميًا، أبرزها النفايات البلاستيكية الصلبة والنفايات الإلكترونية وحتى الطبية.
وما يزيد أيضًا من معاناة الكويت من ظاهرة التلوث، مياه الصرف الصحي وتسربات النفط والمواد الكيميائية المستخدمة لتحلية المياه، التي تعد معضلة أخرى تتسبب في التلوث البحري، وتتجاوز ذلك إلى مخاطر صحية كبيرة على المواطنين والتسبب في انتشار أمراض تؤدي إلى الوفاة لا سيّما الأمراض التنفسية والالتهابات والسرطان.
وهنا، تبرز التساؤلات عن دور الحكومة للحد من هذه المخاطر. فللكويت هيئة عامة للبيئة تقدم إحصائيات ودراسات وتضع مخططات تنموية خاصة بالحفاظ على البيئة والمناخ الصحي للمواطن الكويتي، إلى جانب ومضات توعوية وخلق ثقافة جديدة للاستهلاك وتوزيع النفايات وتدويرها.
لكن ذلك، لا يبدو كافيًا أمام اتهامات للحكومة بالتقصير في هذا الملف من حيث الميزانيات الضعيفة المرصودة له لتنفيذ هذه المشاريع التي تفرض تماهيًا بين مسؤولية الدولة وسلوك الفرد داخل المجتمع الكويتي للحد من هذه الظاهرة.
وللتلوث أيضًا في الكويت بعدًا آخر حيث أكثر من نصف السواحل مهددة بعدم صلاحيتها للسباحة أو للصيد البحري، فيما تتزايد حالات نفوق الأسماك والحيتان. فما أسباب تزايد حدة التلوث البيئي في الكويت من دون غيرها من البلدان المحيطة؟ وما هي مخاطر التلوث على الحياة الحيوانية والإنسانية؟
غياب الغطاء النباتي
وفي هذا الإطار، يربط شبيب العجمي، مستشار الوزير لشؤون الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية في الكويت، بين فترة "الغزو العراقي للكويت وما بعده وحالة التلوث في البلاد"، إذ يرى أنّ لذلك تداعيات على الغطاء النباتي في البلاد جراء تسربات النفط التي حدثت في تلك الفترة ومخلفات المعدات العسكرية وغيرها.
ويضيف العجمي في حديث إلى "العربي": إنّه بالإضافة إلى ذلك، زادت معدلات الزحف العمراني على مدار الثلاثين سنة الماضية، سواء على مستوى المناطق السكنية أو الصناعية الأمر الذي فاقم تدهور مستوى الغطاء النباتي.
أما عن الجهود الرسمية، يؤكد مستشار الوزير لشؤون الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية، وجود خطط حكومية في هذا الخصوص إلى جانب مبادرات من قبل منظمات بيئية وجهود فردية ساهمت في زيادة المساحات الخضراء عبر إنشاء محميات طبيعية.
وفيما يتعلق بالمخيمات الزراعية، يقول المستشار إنه يجب إلزام كل صاحب مخيم زراعة، بمتابعة عدد معين من النباتات الضرورية للتوازن البيئي الكويتي، والتي من شأنها الحد من زحف الرمال والحد من الأمراض الناتجة عن الغبار والتلوث.
كذلك تحدث العجمي عن مشروع تخصيص 6 محميات طبيعية بإشراف الأمم المتحدة والحكومة، تعادل مساحتها قرابة 10% من مساحة الكويت.
تقصير ومخالفات فردية
بدوره، يرى وليد الشطي نائب رئيس فريق الغوص الكويتي ومسؤول العمليات البحرية أن غياب النظم العامة والإعلانية عن ضرر هذه المخلفات يساهم في تفاقم الأزمة، حيث تطغى الإعلانات التسويقية في الأماكن العامة على تلك المرتبطة بالثقافة ومنها البيئية التي تهم المصلحة الفردية والعامة.
كما لفت الشطي إلى دور الاكتظاظ السكاني في بعض المناطق، حيث لا تتوفر الكميات المطلوبة من مستوعبات النفايات التي تغطي حاجة السكان.
وعليه يرى مسؤول العمليات البحرية أنه يجب تكثيف الدور الرقابي، وزيادة الوعي المجتمعي ليشمل مختلف شرائح المجتمع لا سيّما وأن المناطق الكويتية يعيش فيها ثلاثة أجيال من فئات عمرية مختلفة وكل فئة يجب مقاربتها بطريقة تختلف عن الأخرى.
كما أشار وليد الشطي إلى أنهم ضمن عملهم في مراقبة الشواطئ، يلحظون بشكل لافت تكدس مخلفات فردية على السواحل كالأكياس ونفايات الطعام والأدوات البلاستيكية، حيث يرصد بشكل يومي مخالفات بيئية جسيمة من قبل رواد الشواطئ.
وفيما يتعلق بدور السلطات المعنية، يقول الشطي إنّ وزارة البيئة قامت بدور جيد خلال السنوات الأخيرة، عبر تشكيل فرق مختصة وفرض غرامات على المخالفين، إلا أن عدد المعنيين بمراقبة الواقع "لا يغطي الكويت كلها".