حذرت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني من أن قرار الرئيس التونسي قيس سعيّد تعليق عمل البرلمان وإقالة رئيس الوزراء قد يضيف مزيدًا من التأخير لبرنامج صندوق النقد الدولي، الذي من شأنه أن يخفف من ضغوط التمويل الكبيرة في البلاد.
وقالت الوكالة: "إن تونس ستحتاج إلى الحصول على مبالغ كبيرة من الدائنين الرسميين قبل نهاية العام من أجل وقف التدهور في مركز السيولة الخارجية لديها".
وأعلن سعيّد، أمس الأحد، أنه سيتولى السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس وزراء جديد في إجراء وُصف بـ"المحاولة الانقلابية"، وهو أكبر تحدٍ يواجهه النظام الديمقراطي في تونس الذي شهدته البلاد بعد ثورة 2011.
أسباب حالت دون دعم صندوق النقد الدولي
وبحسب الوكالة، فقد كانت آفاق الإصلاحات التي من شأنها خفض العجز المالي، وتثبيت الديون، واحتواء ضغوط السيولة الخارجية ضعيفة قبل هذه الأزمة.
وقالت: "أدى التحالف الهش في البرلمان، والتوترات بين القادة السياسيين الرئيسيين، والمعارضة الاجتماعية الراسخة - بما في ذلك معارضة الحركة النقابية العمالية - لتدابير الضبط المالي الكبيرة؛ إلى تعقيد الجهود المبذولة لتأمين ضبط أوضاع المالية العامة ودعم صندوق النقد الدولي".
تصرفات الرئيس "تثير شكوكًا سياسية جديدة"
واعتبرت الوكالة أن تصرفات الرئيس "تثير شكوكًا سياسية جديدة". ومع ذلك، تعتقد "أنه من غير المرجح أن يستخدم سلطاته للمضي قدمًا في اتخاذ تدابير صعبة لمعالجة ضغوط التمويل، مثل التخفيضات في فاتورة أجور القطاع العام الكبيرة (17% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2020)، لأن مثل هذا الإجراء لن يحظى بشعبية يمكن أن يندمج الضغط الاجتماعي ضده".
كما نبّهت إلى أن تحركات الرئيس قد تقلل من استعداد الشركاء الغربيين لدعم تونس. وقالت: "إن وصول البلاد إلى التمويل الرسمي سابقًا كان كونها الديمقراطية الوحيدة التي ظهرت من الربيع العربي". لكنها اعتبرت أن المخاوف الأوروبية بشأن الهجرة عبر البحر الأبيض المتوسط ستظل دافعًا مهمًا للدعم الخارجي".
فيتش خفضّت تصنيف تونس الائتماني
وخفضت وكالة فيتش تصنيف تونس إلى "B-" مع نظرة مستقبلية سلبية في وقت سابق من شهر يوليو/ تموز، بسبب تصاعد مخاطر السيولة المالية الخارجية في سياق المزيد من التأخير في الاتفاق على برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي، والذي يعتبر بالنسبة لمعظم الدائنين الرسميين شرطًا أساسيًا.
وتخطط تونس للاستفادة من دعم ميزانية الدائنين الرسمي بما يعادل حوالي 4.7% من الناتج المحلي الإجمالي والوصول إلى سوق السندات الدولية لأموال تعادل حوالي 2.2% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2021. لكن فيتش تعتقد "أنه من غير المرجح تحقيق هذه الأهداف، وسيتعين على الحكومة الاستمرار في الاعتماد على التمويل المحلي".
كما أشارت فيتش إلى استمرار ضغوط التمويل في التصاعد في غياب إصلاحات قوية ودعم خارجي. وقد يفكر الدائنون الرسميون في إعادة هيكلة الديون عبر اللجوء إلى نادي باريس، مع تداعيات محتملة على الدائنين من القطاع الخاص، وهو أمر ضروري قبل تمديد الدعم الإضافي، لكنهم سيترددون في الاتفاق على تخفيض الديون دون إصلاحات لمعالجة العجز المالي المرتفع كمصدر للملاءمة المالية التونسية، بحسب الوكالة.
ضغوط على السيولة الدولية
كذلك تعتقد فيتش أن الفشل في الاتفاق على صفقة مع صندوق النقد الدولي، الذي سيؤدي إلى استمرار الاعتماد الشديد على التمويل المحلي، سيزيد من الضغوط على السيولة الدولية.
وبحسب فيتش، تواجه تونس إطفاء كبيرا للدين العام الخارجي، ما يعادل حوالي 4% من الناتج المحلي الإجمالي سنويًا في المتوسط خلال 2021-2023، وعجزًا كبيرًا في الحساب الجاري. وتتوقع أن يبلغ حوالي 8% من الناتج المحلي الإجمالي سنويًا خلال نفس الفترة في المتوسط.
وانخفض احتياطي النقد الأجنبي إلى 9.8 مليار دولار بنهاية يونيو 2021، منخفضًا من حوالي 9.8 مليار دولار في نهاية عام 2020. وكانت الوكالة الإئتمانية قد أشارت في تقييمها لشهر يوليو/ تموز إلى أن تفاقم ضغوط السيولة الخارجية، الذي يتضح من انخفاض كبير في الاحتياطيات أو ضغوط كبيرة على سعر الصرف، يمكن أن يؤدي إلى خفض التصنيف.