يقمع "فيسبوك"، ومعه "إنستغرام"، التطبيق الذي ينضوي تحت جناحه، المحتوى الفلسطيني عبر حجب منشورات ترتبط بالقضية الفلسطينية بطريقة غير مسبوقة في الأيام الأخيرة.
وبينما يتحرك دعاة حرية التعبير في العالم لمناصرة الفلسطينيين في "نضالهم الرقمي" ضد قمع الشركات الكبرى، يتساءل النشطاء عن صمت توكل كرمان عن "محاربة المحتوى الفلسطيني"، باعتبارها العضو العربي الوحيد في مجلس الإشراف العالمي على محتوى "فيسبوك".
إلى جانب الاعتداءات الوحشية التي يتعرض لها الفلسطينيون في الضفة المحتلة وقطاع غزة وأراضي 1948، يخنق "فيسبوك" المحتوى المرتبط بفلسطين على صفحاته، ويكرّر حذفه المنشورات وحظرها بزعم "مخالفة معايير النشر".
وتحت ضغط حملة انتقادات واسعة، أعلنت شركة "فيسبوك" تأسيس "مركز عمليات خاصة" يعمل على مدار اليوم للتعامل مع المحتوى المنشور على منصّتها.
ما هو دور مجلس الإشراف على "فيسبوك"؟
أثار حنق "فيسبوك" للمحتوى الفلسطيني تساؤلات عدة حول الدور الفعلي لمجلس الإشراف على منصة التواصل الاجتماعي الأشهر في العالم في الدفاع عن حرية الرأي.
وكان "فيسبوك" قد أعلن عن "مجلس الإشراف العالمي" عام 2018، وقد شرع المجلس بأداء مهامه عام 2020، بوصفه "محكمة عليا تقوم بمراجعة المحتوى المنشور على المنصة، وتحديد ما إذا كان يتوافق مع معايير الموقع.
ومن المفترض أن تكون لمجلس الإشراف "كافة الصلاحيات في اتخاذ قرارات ملزمة حول المحتوى الذي يجب السماح بنشره أو حذفه من منصتي فيسبوك وإنستغرام".
ويضم مجلس الإشراف العالمي لمحتوى "فيسبوك" أعضاء مستقلين عن الشركة، يبلغ عددهم 20 عضوًا من جنسيات مختلفة.
واللافت أن المجلس الذي من المفترض أن يرتفع عدد أعضائه إلى أربعين عضوًا، يضم 5 أعضاء من الولايات المتحدة، أي ما يوازي ربع الأعضاء الحاليين. كذلك يضم المديرة العامة السابقة لوزارة العدل الإسرائيلية إيمي بالمور.
الحضور الإسرائيلي وسياسات "فيسبوك"
يضم مجلس الإشراف على "فيسبوك" الإسرائيلية إيمي بالمور، عضو نقابة المحامين الإسرائيلية التي شغلت سابقًا منصب المدير العام لوزارة العدل في إسرائيل.
وتداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي اسمها أخيرًا، بالتزامن مع العدوان على غزة وإقدام "فيسبوك" على حذف منشورات تندد بالجرائم الإسرائيلية. رابطين بين إجراءات المنصة القمعية ووجودها في مجلس الإشراف.
موقع "Orient XXI - أورينت واحد وعشرين" الإخباري الفرنسي - يونيو 2020: ("إيمي بالمور" هي المديرة العامة السابقة لوزارة القضاء الإسرائيلية، وقد أسست تحت إشراف وزيرة القضاء اليمينية إيليت شاكيد، وحدة سايبر مختصة في تشديد الرقابة على المنشورات الفلسطينية).https://t.co/EPkxHQTXbe pic.twitter.com/oJErfOTBDo
— مفتاح (@keymiftah79) May 11, 2021
وبالإضافة إلى الشبهات التي تحيط بدور بالمور في تعزيز سياسية التضييق على المحتوى الفلسطيني، يعود إلى الواجهة إعلان "فيسبوك" والحكومة الإسرائيلية توقيع اتفاقية عام 2016، لمواجهة ما أسمياه "العنف والإرهاب".
وكانت وزارة الداخلية الإسرائيلية كشفت حينها عن الاتفاق مع "فيسبوك" على إنشاء فريق مشترك من شأنه تحديد طرق مراقبة وإزالة "المحتوى التحريضي"، وفق تقرير لـ"الغارديان".
توكل كرمان.. و"حماية أصوات الناس"
تُعدُّ توكل كرمان، اليمنية الحائزة على جائزة "نوبل" للسلام عام 2011، العضو العربي الوحيد في مجلس الإشراف على محتوى "فيسبوك".
وقد حصلت كرمان على الجائزة "لنضالها غير العنفي من أجل سلامة النساء وحقوقهن بالمشاركة الكاملة في عملية بناء السلام"، وفق موقع الجائزة العالمية.
وكرمان من مواليد عام 1979؛ نشأت بالقرب من تعز ونالت شهادة في العلوم السياسية وعملت في الصحافة، كما شاركت في تأسيس مجموعة "صحفيات بلا قيود".
وقالت كرمان، عند تعيينها في مجلس الإشراف على "فيسبوك"، قبل نحو عام: "يسعدني الانضمام إلى مجلس الإشراف العالمي لمحتوى فيسبوك وإنستغرام، لم يعد احتكار الحكومات لوسائل الإعلام والمعلومات ممكنًا بفضل منصات التواصل الاجتماعي".
وأردفت: "أنضم إلى مجلس الإشراف للمساعدة في حماية وتمكين أصوات الناس والدفاع عن حرية التعبير". وأشارت في تغريدة أخرى إلى أن "الأنظمة الاستبدادية ترغب في إيقاف فيسبوك لمنع مواطنيها من الحصول على أصواتهم الخاصة".
وكتبت يوم 6 مايو 2020: "سنعمل بكل استقلالية في قضايا المحتوى، واتخاذ قرارات ملزمة بشأن ما يُنشَر وما الذي يجب ألا يُنشر فيهما، مع مراعاة حرية التعبير ومبادئ حقوق الإنسان. وسنكون بمثابة عدسة ناقدة ومساءلة لفيسبوك وإنستغرام وقراراتنا ملزمة لهما بغض النظر عن مصالحهما الاقتصادية أو السياسية".
يسعدني الانضمام إلى مجلس الإشراف العالمي لمحتوى Facebook و Instagram . لم يعد احتكار الحكومات لوسائل الإعلام والمعلومات ممكناً بفضل منصات التواصل الاجتماعي. أنضم إلى مجلس الإشراف للمساعدة في حماية وتمكين أصوات الناس والدفاع عن حرية التعبير.-١- https://t.co/4mXrunekOH
— Tawakkol Karman (@TawakkolKarman) May 6, 2020
لكن المفارقة أن كرمان لم تصدر حتى الساعة أي موقف علني بخصوص الحجب غير العادل للمحتوى الفلسطيني على "فيسبوك" و"إنستغرام"، ولم تُبلغ عن أي تحرك بهذا الشأن.
واكتفت الناشطة العربية بنشر منشورات تضامنية مع فلسطين من دون التطرق إلى التضييق الذي يخنق حرية الناشطين المؤيدين للقضية الفلسطينية والرافضين للعدوان الإسرائيلي.
وكتبت توكل كرمان يوم 15 مايو/ أيار الجاري: "مع كفاح الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي الذي احتلّ الأرض وهجّر الشعب وارتكب إرهابًا لا حصر له في حق الفلسطينيين". وأضافت: "كل احتلال إلى زوال والنصر للشعوب وثورات الشعوب".
وتواصل "العربي" مع مكتب توكل كرمان للحصول على تعقيب، لكنه اعتذر عن التعليق.
الفلسطينيون يواجهون حرباً على الميدان وتكميم أفواه على فيسبوك.. فلماذا تلتزم توكل كرمان الصمت؟#فلسطين pic.twitter.com/zQo24QxmV0
— أنا العربي - Ana Alaraby (@AnaAlarabytv) May 19, 2021