صدقت تونس رسميًا على اتفاقية قرض مع البنك الدولي للإنشاء والتعمير التابع لمجموعة البنك الدولي، بقيمة 130 مليون دولار أميركي لتعزيز أمنها الغذائي.
ويتيح القرض لتونس تمويل مشروع التدخل العاجل من أجل تحقيق الأمن الغذائي الذي ينفذه ديوان الحبوب، على أن يسدد المبلغ خلال 18 شهرًا بنسبة فائدة تقدر بـ1.17%.
ويهدف المشروع إلى تزويد الفلاحين بالمنتجات الأولية اللازمة لتأمين الموسم المقبل من الحبوب وضمان توفير الخبز للفئات الهشّة.
ما علاقة الحرب الروسية الأوكرانية؟
وتضع الباحثة الاقتصادية التونسي جنات بن عبد الله القرض الذي حصلت عليه تونس، في إطاره التاريخي أو الإقليمي أو الجيوسياسي، موضحة أنّ المحور الأميركي والاتحاد الأوروبي يتحرّكان من أجل إحكام قبضتهما على المناطق التقليدية لنفوذهما في مواجهة روسيا أو الصين.
وتشير في حديث إلى "العربي"، من تونس، إلى أنّ الحرب الروسية الأوكرانية شكّلت سببًا مباشرًا لإرساء مثل هذه المبادرات وتوظيف منظمة الأمم المتحدة وهياكلها بما فيها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في سياق هذه السياسة، أي إحكام قبضة هذا المحور على المنطقة.
يذكر أن تونس كانت تعتمد على أوكرانيا وروسيا في 56% من وارداتها السنوية من القمح على مدى السنوات الخمس الماضية.
الخبز التونسي
وتلفت الباحثة التونسية إلى مبادرة فرنسا والاتحاد الأوروبي في تعزيز القدرات الزراعية للدول الإفريقية النامية، حيث تضعها في الإطار نفسه للحد من التمدد الصيني وخلفه الروسي في القارة الإفريقية.
وتلاحظ في هذا السياق الاختلاف بين البيان الصادر عن البنك الدولي في تاريخ 29 يونيو/ حزيران المنصرم، والبيان الصادر عن الحكومة التونسية في الخامس من أغسطس/ آب الحالي، شارحة أن بيان المؤسسة الدولية تحدث عن تأمين توريد الحبوب، ما يعني أن الخبز التونسي بات على " طاولة هذا القرض" ، فيما تحدث بيان الحكومة التونسية عن التزويد لا التوريد.
وتعتبر الباحثة التونسية أن التباين في الخطابين، يؤكد مواصلة الحكومة التونسية الحالية، نهج الحكومات السابقة في التعتيم والتضليل الإعلامي، وما القرض إلا دليل آخر على بلوغ ميزان العجز التونسي مستويات قياسية.
وتواجه تونس خطر التعثر بعد أن قارب عجز الميزانية 10%، وسط مواجهة البلاد إحدى أعلى فواتير أجور القطاع العام في العالم، كما بلغ حجم الديون أكثر من 40 مليار دولار، بحسب تقرير للبنك الدولي.
"الاكتفاء الذاتي" لتونس
ومع أنّ الرئيس التونسي قيس سعيّد سبق أن رفع شعار "لا للقروض"، ترى الباحثة الاقتصادية التونسية أنّ الحكومة سقطت في المسار نفسه، وهي اليوم تقترض، ولو أنّ هذا القرض لم يأتِ بطلب من الحكومة التونسية، بل بمبادرة من الأمم المتحدة عبر البنك الدولي، بحسب ما تؤكد لـ"العربي".
وتشدّد على أن هذا الأمر يشكّل دليلًا آخر على أنّ هذا القرض يندرج في إطار إحكام القبضة على هذه الدول حتى تبقى "عاجزة"، وفق تعبيرها. وتشير إلى أنّ البدائل موجودة، متحدّثة عن "عقم" لدى الحكومات لرفض الحلول "الوطنية"، على حدّ وصفها.
وتستغرب في هذا السياق كلام وزير الفلاحة في حفل توقيع القرض، عن أنّ تونس ستحقق بفضل هذا القرض الاكتفاء الذاتي من القمح الصلب، "رغم أنّ هذا الوزير هو ابن البحث العلمي الفلاحي"، مشدّدة على أنّ تحقيق الاكتفاء الذاتي لا يتمّ بين ليلة وضحاها وبعصا سحرية، بل في إطار إستراتيجية متكاملة.