لا يزال ضحايا الهجوم بالأسلحة الكيماوية الذي شنه النظام السوري على مدينة دوما في غوطة دمشق الشرقية ينتظرون تحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين؛ إذ لم تتخذ أي خطوة في هذا الاتجاه رغم مرور 3 سنوات على ارتكاب المجزرة التي وصفها أحد الناجين بـ"يوم القيامة".
وارتكبت قوات النظام السوري في السابع من أبريل/نيسان 2018، مجزرة بالأسلحة الكيماوية ضد المدنيين في مدينة دوما، على بعد 10 كيلومترات من العاصمة دمشق، راح ضحيتها عشرات المدنيين.
واستخدمت قوات النظام السلاح الكيماوي المحرّم دوليًا ضد المدينة بعد 5 سنوات من حصارها مع بقية مدن غوطة دمشق الشرقية؛ وتم تهجير أبناء المدينة منها بعد القصف الكيماوي بوقت قصير، وكثير منهم كان يعاني من آلام جراء استنشاق المواد المنتشرة في الهواء.
وسيطرت قوات النظام على دوما بعد 5 أيام من المجزرة، وخرج أبناء المدينة منها إلى مناطق سيطرة المعارضة شمالي البلاد.
كأنها القيامة
وقال عمر نعسان، أحد الشهود على المجزرة، لوكالة الأناضول: "كان كيوم القيامة، نزلنا إلى الملاجئ تحت بيوتنا عندما استهدف النظام المدينة بالسلاح الكيماوي، وكان طوال السنوات الخمس السابقة يستهدفنا بقصف جوي وبري بلا هوادة".
وأوضح نعسان أن القصف وقع صباحًا، مضيفًا: "شعرت برائحة مختلفة لم يسبق أن شعرت بشيء مشابه لها، فهرعتُ مع أطفالي إلى نفق تحت بيتي". وتابع: "وعندما بقيت الرائحة تصلنا في تلك الأنفاق خرجنا منها إلى الشارع، وكنا نحاول الابتعاد عن الرائحة التي لم نكن نعرف ماهيتها، أهي غاز السارين أم غاز الكلور".
وأكمل: "مع زيادة خوفنا، صرنا نلف أجسادنا بالمناشف المبتلة، ولم يكن هناك ريح، فبقيت الروائح تحاصرنا لمدة طويلة، من دون أن ندرك ماذا يحدث تحديداً". وأشار إلى أنه "مع تقدم الوقت، انخفض مستوى الخوف لدينا؛ فهرعنا لمساعدة الناس في الأحياء والشوارع القريبة، فصُدِمنا بمنظر الوفيات".
وسرد موضحًا: "كانت البراميل المتفجرة والقذائف لا تساوي شيئاً أمام هذا السلاح، فالجثث في كل مكان، والناس تختنق من حولنا". ولفت إلى أنهم حفروا أنفاقا للاختباء من قصف الطائرات، إلا أنها لا تحمي مع هذا السلاح.
وأضاف: "أشكر الله أنني ما زلت على قيد الحياة، واللعنة على الظالمين"، فيما طالب بـ"محاكمة المسؤولين عن المجزرة وتحقيق العدالة التي طال انتظارها".
أجساد بلا أرواح
أما ياسين كبكب، وهو ناج آخر من المجزرة، فأوضح أنه عاد من الموت، مشيرًا إلى أنهم اعتقدوا في البداية أن ما حدث قصف جوي؛ فلجأوا إلى الأنفاق، لكنهم أدركوا لاحقًا أنه قصف بالأسلحة الكيماوية.
وأردف أنه وصل إلى المستشفى صباحاً، فرأى "جثثا هامدة، وكان المنظر قاسيًا جدًا". وتابع: "كانت عيون الأطفال مفتوحة لكن أجسادهم بلا أرواح، فقد ماتوا اختناقًا".
ولفت كبكب إلى أن النظام، في ذلك اليوم، واصل قصف المدينة بالطيران كأن شيئًا لم يحدث؛ ما اضطر الناس للانتظار وقتًا طويلًا لدفن جثث موتاهم. وأضاف: "أهل دوما خسروا الكثير من الضحايا في ذلك اليوم، وينتظرون محاكمة المسؤولين عن المجزرة".
السجل الكيماوي للنظام
وقبل مجزرة دوما، استخدم النظام السلاح الكيماوي عدة مرات، كان أكبرها مجزرة الغوطة الشرقية في أغسطس/ آب 2013 التي راح ضحيتها أكثر من 1400 مدني، ومجزرة خان شيخون (بمحافظة إدلب) في أبريل/ نيسان 2017 وقُتل فيها 100 مدني على الأقل.
وبحسب "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، فإن النظام السوري استخدم السلاح الكيماوي 217 مرة ضد مناطق سيطرة المعارضة منذ بدء الأزمة في سوريا منتصف مارس/ آذار 2011.