تنقل وسائل الإعلام بشكل شبه يومي جرائم عنف وقعت بحقّ نساء، وأعادت مؤخرًا جريمة قتل اللبنانية زينة كنجو على يدّ زوجها، وغيرها من الجرائم في العالم العربي طرح السؤال الأبرز "إلى متى؟".
عقلية ذكورية وقبلية
تتحدّث مديرة جمعية "تنمية وإعلام المرأة" سهير فراج من بيت لحم إلى "التلفزيون العربي" حول هذا الموضوع، حيث تشرح أنه بشكل أساسي ومباشر تقع المسؤولية على التربية والنظام التعليمي، بالإضافة إلى غياب القوانين التي تجرم هذه الأعمال في بلادنا العربية، والعقلية الذكورية والقبلية التي تتربى عليها المجتمعات والتي تربط الشرف بالمرأة وأجزاء محددة من جسدها، أو تعتبر أن شرف العائلة والأمة مرتبط بها.
وتنبّه فراج إلى أن الاحتلال الإسرائيلي هو أحد الأسباب الرئيسية في ارتفاع جرائم العنف المتزايد في المجتمع الفلسطيني، ويُضاف إلى ذلك، في المجتمعات العربية، عوامل عديدة، من بينها الفقر والبطالة ونمو الفكر "الداعشي" والتطرف في عقلية الشباب والمجتمع، وكلها عوامل تزيد من حالات العنف في المجتمع وتحديدًا ضدّ النساء.
عالميًا
ما تزال المرأة تناضل للحصول على حقوقها عالميًا، حتى في الدول المتقدمة، على الرغم من التطور المجتمعي والقانوني.
وحول هذا الأمر تشرح فراج أنه حتى أوروبا والمجتمعات الغربية تمتلك موروثات ثقافية تستضعف المرأة، فإذا رجعنا إلى التاريخ سنرى أن المرأة منذ العصور القديمة هي الأكثر اضطهادًا، كون النظرة الدونية للنساء موجودة عالميًا.
وتربط مديرة جمعية "تنمية وإعلام المرأة" ظاهرة العنف والقتل سواء في الغرب أو الشرق بالتركيبة المجتمعية، فعلى سبيل المثال لفهم ظاهرة العنف في إيطاليا يجب أن ننطلق من مفهوم الأجور، على حدّ قول فراج.
وتستطرد أن الفرق بين المجتمعين الغربي والعربي هو وجود قوانين بالغرب تنصّ أحكامًا رادعة ضدّ هذه الجرائم بحقّ النساء والرجال على حدّ سواء، بينما في مجتمعاتنا العربية، قوانينا تُبرر القتل وتعطي شرعية لقتل النساء، كما يجري إعفاء القاتل أو تقليل العقوبة، إنما تبقى النظرة الذكورية والعقلية المتسلطة موجود في كل أنحاء العالم.
كورونا
إلى ذلك، تسببت جائحة كورونا عام 2020 مع ما ترتب عنها من حجر منزلي، في ضغط نفسي هائل وارتفاع في نسبة التوتر، ما زاد حالات العنف عالميًا في كل المجتمعات بشكل مضاعف.
وتعطي فراج مثلًا عن هذا الأمر بزيادة حالات القتل بالمجتمع الفلسطيني بنسبة 42% عام 2020، وتضيف أنه حتى سبتمبر/ أيلول سجلت 37 حالة قتل من بينها 26 امرأة ما يعني أن الضحية الأكبر تبقى المرأة بغض النظر عن الظروف.
دور الإعلام
ترى فراج أن الإعلام بكل مكوناته لا سيّما من ناحية البرامج الدرامية والإعلانات، ترسم صورة نمطية تعزز الهيمنة والسلطة الذكورية على المرأة، وتعطي واعز أو مبرّرًا للقتل.
أما في الشق الإخباري فتشير فراج أن طريقة صياغة الخبر لها حتمًا تأثير كبير على طريقة تلقيه.
وتعطي مثلًا عن جريمة قتل بحق امرأة في منطقة جنين عنونتها بعض الصحافة بـ"العثور على جثة امرأة في إحدى الشقق السكنية.. والاشتباه بأن القاتل ابنها" وأكّدت الناشطة النسوية أن مثل هكذا عنوان يعطي بصورة فورية مبرر للقاتل، ويرشد القارئ للبحث عن السبب وليس عن الجريمة.