يظل ملف الذاكرة بين الجزائر المستقلة ومستعمرتها السابقة فرنسا محلّ جدل لا ينتهي، وكثيرًا ما يبرز في فترات الانتخابات، فهو يشكل مادة دسمة تتقاذفها التيارات السياسية في البلاد، ولا سيما المتطرفة منها التي لا تزال لليوم غير مقتنعة باستقلال الجزائر وترفضه جملةً وتفصيلًا.
فبعدما فتحت باريس ملف الحركيين، من قدامى الجزائريين المتعاونين مع الجيش الفرنسي أثناء استعمار الجزائر، بتقديم الاعتذار لهم، فتح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ملف الفرنسيين والأوروبيين الذين ولدوا في الجزائر خلال فترة الاستعمار الفرنسي، وأجبِروا على مغادرتها.
"جرح لم يندمل"
فقد استضاف ماكرون مؤخرًا ممثلين لعائلاتهم في قصر الإليزيه لتقديم الاعتذار لهم على ما وصفه بـ"الجريمة التي لا تغتفر"، التي ارتُكِبت بحقهم. وأكد ماكرون بنبرة طغى عليها التأثّر، أنّ مجزرة شارع "أيسلي" في الجزائر العاصمة خلال شهر مارس/ آذار 1962 التي راح ضحيتها عشرات الفرنسيين والأوروبيين، ومجزرة مماثلة في وهران، كلتاهما واقعة لا تُغتفَر للجمهورية الفرنسية.
ويرى المؤرخون أنّ هذه الأحداث تشكّل فاصلة دموية في تاريخ فرنسا يصعب تجاوزها، كما يقول المؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا الذي يضيف في حديث إلى "العربي": "إن الجزائر الفرنسية، مهمة للقوميين الفرنسيين، ومغادرة قرابة مليون شخص باتجاه فرنسا حينها، ما زال ينظر إليه بوصفه جرحًا لم يندمل".
مساعٍ حثيثة يبذلها ماكرون
وتدخل الخطوة التي أقدم عليها الرئيس الفرنسي ضمن سلسلة من المبادرات التي باشرها منذ انتخابه رئيسًا لفرنسا، وحتى قبل انتخابه عندما وصف مجازر الاستعمار الفرنسي في الجزائر بأنّها "جرائم ضد الإنسانية".
وبحسب مراسل "العربي" في باريس، يراهن ماكرون على تسريع مصالحة بشأن العلاقة المرتبكة بين بلاده والجزائر في سياق مساعٍ حثيثة لطيّ الملف الاستعماري الفرنسي حتى وإن بدا ذلك صعبًا بالنظر إلى تعقّد وتشابك ملف الذاكرة بين البلدين.
بعد اعتذاره من الحركيين الذين تعتبرهم #الجزائر "خونة"، #ماكرون يعترف بارتكاب مجزرة ضد "الأقدام السوداء" #فرنسا pic.twitter.com/mfqNOPI8Ml
— أنا العربي - Ana Alaraby (@AnaAlarabytv) January 27, 2022