تهدّد القرن الإفريقي مجاعة أقسى من تلك التي تسبّبت بمئات آلاف الوفيات قبل عقد من الزمن، حيث حذّر برنامج تابع لمنظمة إقليمية في شرق إفريقيا أمس الأربعاء من أنّ الجفاف الحادّ الذي تعاني منه المنطقة مرشّح للتفاقم هذا العام.
جاء ذلك تزامنًا مع تحذير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، من أنّ حوالي 1.3 مليون صومالي، 80% منهم من النساء والأطفال، اضطروا لمغادرة ديارهم إلى مناطق أخرى هربًا من الجفاف.
ويُعتبر القرن الإفريقي من أكثر المناطق تضررًا من التغيّر المناخي، إذ يشهد بصورة متزايدة أزمات أكثر تواترًا وشدّة.
"انخفاض المتساقطات"
وفي تقريره مؤخرًا، قال مركز "التوقّعات والتطبيقات المناخية" في منظمة "الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد)، إنّ التوقّعات خلال موسم الأمطار المقبل (مارس/ آذار-مايو/ أيار) تظهر انخفاضًا في كمية المتساقطات وارتفاعًا في درجات الحرارة.
نقص الأعلاف في #الصومال يهدد قطاع تربية الماشية#شبابيك تقرير: الشافعي أبتدون pic.twitter.com/u2BIb04cfP
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) February 21, 2023
وتُساهم المتساقطات التي تهطل خلال موسم الأمطار بنسبة كبيرة تصل إلى 60% من إجمالي الهطولات المطرية خلال العام بأسره في منطقة القرن الإفريقي؛ التي تضم جيبوتي وإثيوبيا وإريتريا والصومال وأجزاء من كينيا والسودان وجنوب السودان وأوغندا. كما يشمل المصطلح أحيانًا بوروندي ورواندا وتنزانيا.
وتأتي هذه التوقّعات لتؤكّد مخاوف خبراء الأرصاد الجوية ووكالات الإغاثة الإنسانية، من أنّ هذا الجفاف غير المسبوق من حيث المدّة والشدة، يمكن أن يتسبّب بسرعة في كارثة إنسانية.
"موسم جهيض"
وأشار المركز في تقريره إلى أنه "في بعض أجزاء إثيوبيا وكينيا والصومال وأوغندا، والتي تضرّرت مؤخرًا بشدّة من الجفاف، يمكن أن يكون هذا موسم الأمطار الجهيض السادس على التوالي".
ودعا ووركنيه غيبييهو، الأمين العام التنفيذي لإيغاد، إلى تعبئة دولية عاجلة لمواجهة هذا الجفاف المتفاقم "كي لا نشعر بالندم بعد فوات الأوان".
وحذّر التقرير من أن الظروف الحالية أسوأ مما كانت عليه قبل جفاف عام 2011، إذ إنّ 23 مليون شخص في كينيا وإثيوبيا والصومال يعانون منذ الآن من "انعدام الأمن الغذائي الحادّ".
فقد تسبّبت المجاعة التي ضربت الصومال في 2011 بوفاة حوالي 260 ألف شخص، نصفهم من الأطفال دون السادسة. وعانت يومها المنطقة من موسمَي أمطار جهيضين متتاليين مقارنة بخمسة مواسم اليوم.
وكانت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية قد حذرت العام الماضي، من موسم جفاف هو الأسوأ في منطقة القرن الإفريقي منذ 40 عامًا.
وفي حينه، لفت المتحدث باسم أمين عام منظمة الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إلى أن التوقعات من أكتوبر/ تشرين الأول إلى ديسمبر/ كانون الأول تظهر فرصًا عالية لظروف أكثر جفافًا من المتوسط في معظم أنحاء المنطقة، ولا سيما على إثيوبيا وكينيا والصومال.
وتعرف منطقة القرن الإفريقي باعتماد نسبة كبيرة من سكانها على تربية المواشي والأنشطة الفلاحية، ما يجعلهم يعيشون حياة الرحل مرتبطين بشكل مباشر بالطبيعة.
يوازي ذلك ضعف كبير في إمكانيات الدول ونقص في البنية التحتية ما يثير قلق خبراء منظمة الصحة العالمية، ولا سيما في ظل التهديدات القوية بالمجاعة وما يترتب عنها من مخاطر تدهور للوضع الصحي.