للمرة الحادية عشرة في عهد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، يأتي وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى المنطقة، ويستهل الخطوات من إسرائيل دون كلمة في المطار ودون مؤتمر صحفي.
يمرر الرجل رسائل عزم البيت الأبيض إحداث اختراق على صعيد مفاوضات وقف إطلاق النار المتعثرة في قطاع غزة الفلسطيني.
ويؤكد بيان الخارجية ذلك بالتعبير عن مواصلة المناقشات بشأن التخطيط لما وصفه "مرحلة ما بعد الصراع".
طرح مصري
وسيزور بلينكن القاهرة، والمعلومات التي نشرتها صحيفة العربي الجديد تفيد بأن هناك تصورًا طرحته مصر لتحريك ملف التهدئة في غزة، يتضمن انسحابًا إسرائيليًا تدريجيًا من الجنوب إلى شمال القطاع على مدى زمني طويل لم يتم تحديده.
ومباحثات بلينكن المرتقبة ستتركز وفق الصحيفة على خطط إنشاء قوة دولية تشرف على إدارة القطاع ومراقبة الشريط الحدودي البالغ طوله 14 كيلو مترًا، والمعروف باسم محور صلاح الدين بين شمال سيناء وغزة.
في المقابل، تقول حركة حماس إن الخطوة الأميركية تمثل غطاء للجريمة الإسرائيلية.
ويؤكد القيادي في حماس أسامة حمدان أن للشعب الفلسطيني الحق في تقرير أجندات اليوم التالي، الذي سيكون فلسطينيًا خالصًا وليس على المقاس الأميركي أو الإسرائيلي. فالشروط واضحة بحسب الحركة: انسحاب شامل ووقف إطلاق النار وتحقيق صفقة جادة.
كما جدّد حمدان رفض الحركة لمخططات الاحتلال، التي يتم تنفيذها بدعم أميركي وغربي وفق البيان الرسمي.
"بروباغندا"
وضمن هذا السياق، قال مايكل سبرنغمان الدبلوماسي الأميركي السابق، إن "المسؤولين الأميركيين يزورون إسرائيل ويحدوهم الأمل بأن يلقى ذلك أصداء لدى الأوروبيين والأميركيين وكأن أميركا تقوم بشيء. لكنها مجرد بروباغندا" تقوم بها إدارة بايدن.
وأضاف سبرنغمان في حديث للتلفزيون العربي من لوغانو في سويسرا، أن الإدارة الأميركية لو أرادت القيام بشيء ما كان بإمكانها منع الدعم المالي والعسكري لإسرائيل.
وأشار سبرنغمان إلى أن "بايدن إذا ما وصل إلى الإفراج عن بعض الرهائن أو جميعهم، يمكن أن يفعل ذلك من أجل تعزيز حظوظ المرشحة كامالا هاريس والحزب الديمقراطي".
وأردف: "من وجهة نظري فإن بايدن لا يلقي بالًا لما يجري في غزة، فهو يشد على يد إسرائيل ويأخذ التعليمات منها وليس من الشعب الأميركي".
"نتنياهو هو من يستطيع اتخاذ قرار إيقاف الحرب"
من جانبه، اعتبر فوزي العشماوي مساعد وزير الخارجية المصري السابق، أن "زيارة بلينكن يفترض أن تكون هامة على ضوء المستجدات الجديدة في المنطقة".
وأضاف العشماوي في حديث للتلفزيون العربي من القاهرة، أن "الإدارة الأميركية تريد أن تحرز أي تقدم إستراتيجي وجوهري يسمح لإدارة بايدن والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس بزيادة حظوظها في المرحلة القادمة".
وأشار إلى أن "من يمسك بطرف الخيط ورمانة الميزان هو نتنياهو وحده"، فإن أراد أن يحدث تحريكًا في ضوء ما حققه من "إنجازات" يستطيع أن يقول للرأي العام الإسرائيلي إنه بات بإمكانه عقد صفقة جزئية أو كلية، ولا يمكن لأحد أن يمنعه، بما في ذلك الضغط اليميني المتمثل ببن غفير وسموتريتش.
ومضى يقول: "نتنياهو هو من يستطيع اتخاذ قرار إيقاف الحرب".
"حملة انتخابية داخلية"
بدوره، رأى طارق حمود أستاذ العلوم السياسية بجامعة لوسيل، أن "بلينكن جاء إلى المنطقة في إطار حملة انتخابية داخلية في الولايات المتحدة، وظرف أميركي داخلي وليس في إطار ظرف دولي أو إقليمي".
وقال حمود في حديث للتلفزيون العربي من الدوحة، إن من غير المأمول أن يكون هناك عرض جدي في ما يخص موضوع التهدئة، "وبالتالي فإن حماس أو أي طرف فلسطيني لن يكون أمام عرض جدي للحديث عن قبول أو رفض".
وذكر بأنه على طول المفاوضات التي بدأت منذ أكثر من 8 أشهر وحتى الآن، كان الطرف المعطل هو إسرائيل، في كل المقترحات، بما في ذلك التي قدمتها واشنطن.
وعليه، أضاف: إذا كنا نتكلم عن أمر جدي، فلا بد من الحصول على الموافقة الإسرائيلية أولًا مع ضمانات باستمرار هذه الموافقة.