يستمرّ شد الحبال بين روسيا وأوروبا في ملف الطاقة، حيث من المتوقّع ألا تثمر الوساطة الإيرانية في إيجاد حلّ للأزمة، بينما تواصل لندن هجومها على روسيا في هذا الإطار.
وفي أحد خطاباته الأخيرة قبل تنحيه رسميًا في الأسبوع المقبل، سيدعو رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، اليوم الخميس، لإنهاء الاعتماد على "الطغاة الأجانب" في مجال الطاقة، على حد وصفه.
يأتي ذلك بينما أعلنت روسيا وقف إمدادات الغاز الطبيعي إلى ألمانيا عبر خط الغاز "نورد ستريم 1" لمدة ثلاثة أيام بسبب أعمال الصيانة.
ويُعدّ هذا الإغلاق الثاني من نوعه بعد وقف سابق للإمدادات في 11 يوليو/ تموز الماضي، استمرّ 10 أيام متواصلة.
وتواجه أوروبا زيادات هائلة في فواتير الطاقة، مدفوعة بالارتفاع الشديد في أسعار الغاز، حيث أدى تقييد روسيا للإمدادات الأوروبية إلى ارتفاع أسعار الجملة للغاز إلى مستويات قياسية.
وستقفز فواتير الطاقة البريطانية بنسبة 80% إلى ما متوسطه 3549 جنيهًا إسترلينيًا (4188 دولارًا أميركيًا) سنويًا، اعتبارًا من أكتوبر/ تشرين الأول، مما يعني معاناة ملايين الأسر بسبب قلة الوقود.
جونسون يدافع عن سياسته للطاقة
وسيدافع جونسون عن تعامله مع أزمة الطاقة الحالية، حيث سيؤكد أن قرار حكومته بزيادة إنتاج الغاز المحلي، وعكس عقود من نقص الاستثمار في الطاقة النووية وزيادة الاستثمار في الطاقة المتجدّدة، سيقلّل من الاعتماد على الوقود الأحفوري الأجنبي.
وسيعتبر أن "القرارات الكبيرة التي اتخذتها هذه الحكومة بشأن مستقبل الطاقة ستورث مملكة متحدة حيث الطاقة رخيصة ونظيفة وموثوقة ووفيرة، مستقبل لا تكون فيه العائلات والشركات تحت رحمة الأسواق الدولية أو الطغاة الأجانب".
وفي الأسبوع الماضي، ذكر جونسون، الذي أُجبر على الاستقالة بسبب سلسلة من الفضائح، أن الحكومة ستعلن المزيد من الدعم قريبًا للمستهلكين الذين يعانون من فواتير الطاقة، وينبغي أن يستهدف ذلك الفئات الأكثر ضعفًا وليس جميع الأسر.
روسيا تشهر سلاحها في وجه أوروبا وتعلن تعليق إمدادات الغاز عبر خط “نورد ستريم” عدة أيام.. إليكم هذه القصة السابقة الكاملة عن الغاز الروسي وخطوط إمداده وعلاقته بالحرب في #أوكرانيا#روسيا pic.twitter.com/FKIzbQ7prV
— أنا العربي - Ana Alaraby (@AnaAlarabytv) August 31, 2022
إيران تدخل على خط الوساطة
وكانت إيران دخلت على خط الوساطة لدى موسكو من أجل إيجاد حلول لأزمة الطاقة التي تتهدّد أوروبا، حيث بحث وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، في لقاء بينهما في موسكو، أزمة الطاقة بين أوروبا وروسيا إضافة إلى الملف النووي.
في المقابل، تريد طهران من أوروبا أن تكثّف وساطتها لتسريع العودة إلى الاتفاق النووي، خصوصًا مع تقديرات مراقبين أن واشنطن ترغب بإنجازه بعد انتخاباتها النصفية، وعقب الانتخابات الإسرائيلية العامة.
هذا الفهم الضمني والصريح، تجلّى في ما أدلى به عبداللهيان عندما ربط ضمنيًا امتعاضه من المماطلة الأميركية في إنجاز الاتفاق النووي، بتعزيز التعاون مع روسيا في قطاع الطاقة.
وتسعى طهران إلى استثمار أزمة الطاقة في أوروبا التي تخشى شتاءً صعبًا للخروج من أزمة العقوبات من خلال إضعاف قبضة المماطلة الأميركية.
ويوضح زاهي علاوي، الكاتب الصحفي، أن الدول الأوروبية تعوّل على أن يكون هناك تعاون وتفهّم شعبي لأزمة الطاقة، كما أنها تقدّم الدعم المادي للفئات الاجتماعية ذات الدخل المنخفض، لكن هذا لن يستمرّ حتى فصل الشتاء المقبل.
ويضيف، في حديث إلى "العربي"، من برلين، أن الوساطة الإيرانية ستبقى في الإطار المحلي، حيث إنها لن تلعب دورًا هامًا في العلاقات الأوروبية- الروسية، وإمدادرات الطاقة.
ويشير إلى أن أنه حتى لو تمّ رفع العقوبات عن طهران، فان بدء تصدير الغاز والنفط إلى أوروبا سيستغرق وقتًا طويلًا.
من جهته، يرى آندري مورتازين، الكاتب الصحفي الروسي، أن الكرة الآن في ملعب أوروبا، خصوصًا أن أزمة الطاقة بين روسيا وأوروبا قد تستمرّ لفترة طويلة، حتى بعد انتهاء العملية العسكرية في أوكرانيا.
ويوضح مورتازين، في حديث إلى "العربي"، من موسكو، أن لا إيران أو تركيا، أو أي دولة أخرى يُمكن أن تكون وسيطًا في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، لأن الرئيس الأوكراني "دمية" بيد واشنطن ولندن يمليان عليه مواصلة الحرب.